عبدالحق اللامي
لا اتذكر من قالها ان الشعوب هي التي تصنع طغاتها. لقد ترسخت فينا ثقافة (الرموز) فصنعناهم وجعلنا لهم محاريب نتعبد فيها لهم ونمجد اعمالهم ونعتقد انهم هم لا غيرهم مّن الله علينا بهم ونحنده على هذه النعمة الكريمة وندعو ونبتهل ان يحفظهم ويطيل في اعمارهم ويزيد في رفعتهم.اقوالهم حكم وافعالهم دستور وحركاتهم قانون ندبج في مدائحهم المقالات وننظم في صفاتهم واعمالهم المعلقات صورهم تملأ الساحات والشوارع وتتصدر البيوت ووجوههم تطالعنا في كل فضائية وصحيفة ومجلة. اوامرهم مطاعة وكلماتهم مسموعة نعتذر بدلا عنهم اذا اخطئوا ونبرر افعالهم اذا شذت ونؤولها بأحسن التأويل لا نجد غيرهم لنا منقذ ولا سواهم حامي نتقاتل من اجلهم ونقطع الرحم، وكم جرت علينا الرموز من مآس وادخلتنا في الحروب والتفرق والشتات ولم نتب عن ذلك فأذا ذهب رمز وانطوت ايامه تهنا حتى نصنع لنا رمزا جديدا نسير خلف خطواته، في هذا الزمن الديمقراطي الاغبر صنعنا الف رمز ورمز وانتجت ثقافتنا الف حزب وحزب وولدت الف طائفة ومذهب، كل حزب وطائفة وقومية بما لديهم فرحون وبرمزهم يهتفون. أهي طبيعة تكوينية في تركيبتنا العقلية والفكرية لا ذنب لنا في وجودها أم هي ثقافة مكتسبة تجذرت فأصبحت راسخة في عقولنا؟ لقد الغينا عقولنا وهمشنا تقاليدنا الاجتماعية وتجاوزنا عن ثقافة امتزجت فيها التقاليد والعادات ومكارم الاخلاق بنقاء الدين وسماحة الشريعة كما قال رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم (انما اتيت لاتمم مكارم الاخلاق).كل قوم تعددت قياداتهم ورموزهم تمزقت وحدتهم وتناثرت لحمتهم وتشتت جمعهم، فالرمز والقائد الذي تتبعه كل مجموعة سياسي يحوش النار لرغيفه ويعمل من اجل ذاته الا ما ندر ممن لم تدنس ثوبه وقلبه المغريات تمنعه اصوله واخلاقه وتربيته من ان يخوض في مستنقعات السياسة ويتخفى بدهاليزها المظلمة ويتدثر بشعاراتها الكاذبة. نحن الذين صنعنا طغاتنا في الماضي وذقنا منهم الويل واليوم صنعنا وسنصنع كل يوم صنما نتعبد في محراب هرطقاته ونجعل من اخطاءه تعاليم واوامره احكام واجبة التنفيذ وهو تابع مطيع لاوامر المخابرات والسفارات ودول الارهاب والتكفير، لا نسأل عن ماضيه وبمن ارتبط ومن علمه وخرجه وبما يؤمن ولأجل ماذا يدفع بوطننا وشعبنا الى الهاوية. في كل يوم بل في كل ساعة يعلو صوت هذا الرمز او ذاك بمطلب او شرط او تهديد ووعيد ولا يتساءل اتباعه ومريديه لمصلحة من يفعل ذلك؟ وماذا يبتغي من وراء ذلك ولماذا تسفك دماؤنا وارواحنا وتهدر ثرواتنا من جراء خلافات وصراعات الرموز؟اذا اردنا ان نتوحد وتأمن بلادنا ونبني مستقبل اجيالنا ونحافظ على ثرواتنا الوطنية فلنفكر (بالرموز) ونختار رمزا يجعل من العراق قبلة حب وسلام ويضع ابناءه في سويداء القلب وسواد العين لا تغره الدنيا بمطامعها ولا الكراسي بأبهتها ولا صولجانات السلطة بقوتها عنده كل عراقي كالابن والاخ وكل عراقية كالام والاخت وان لم نفعل ذلك فسوف نجعل من كل هذه الرموز المصنوعة بأجندة الاعداء طغاة نعاني من ظلمهم وجورهم حينها لن ينفعنا الندم لاننا لم نتحرر من ثقافة الرمز الاوحد والقائد الملهم.
https://telegram.me/buratha