الكاتب / مصطفى سليم
غالبا وإذا ما توفرت الإرادة والنية الصادقة لحل أية مشكلة ،فانه وبلا شك سوف تحل وتفكك أية أزمة مابين الإطراف المتنازعة وفي بعض الأحيان يلجا أصحاب التخصص في معالجة الأزمات إلى الاستفادة من عامل الوقت ومرور الأزمنة،ألا انه لأحل للمشاكل التي تخدش الحياء العام وتصل إلى الرمي بالخيانة والتبعية للأجنبي،وعلى ما يبدو أنها الأزمة الحقيقة التي لا يمكن معالجتها مهما بذلت الأطراف حسن نوايا وجهود من اجل الوصول إلى حل نهائي أو حتى وسطي بين الأطراف المتنازعة...فلقد تفاقمت الأزمة في العراق وتسع حجمها ولم يعد بمقدور الحكومة من تلافي ما ستولده من اضطراب عام وربما يصل الى شل البلد كليا وفي جميع مستوياته،ليست هذه القراءة نضرة سوداء أو مبتدعة لتصور خاص بل هو الواقع المأساوي الذي يعيشه البلد وبكل جوانبه،لقد كنا نمني النفس بزوال الطاغية وزبانيته ونتطلع الى حياة مليئة بالتفاؤل والإبداع في ظل بلد يتمتع بجميع مقومات التقدم ولا ينقصه ألا الإدارة والقيادة الناجحة ..ليبدأ مشوارنا مع نظام الحكم وشكله وأيه أكثر تلاؤم مع متطلبات الحياة الجديدة للقضاء على الدكتاتورية المقيتة التي أذاقت العراق وأبناءه أقسى أنواع العذاب والويلات وأشدها سلبا لحقوقه،لنقع بدكتاتوريات بثوب أخر ولا يختلف كثيرا عمن سابقه بشيء أبدا،فالاستفراد بالسلطة واحتكارها وربما توريثها هو اكبر هموم من يصل الى سدة الحكم ،والفساد استشرى ولم يعد احد يعبأ للحلال والحرام وحتى الحياء والذي لم يعد له محلا عندهم،وكأنما البلد وخيراته ملك لأباهم وأجدادهم وهم أصحاب الحق فيها بإهدارها أو توفيرها لجيوبهم ،ويوم من بعد يوم تستمر مخاوف المواطنين الى ان أصبحت أزمة ومخاوف تلازم الجميع وعلى حد سواء،وأكثر ما يقلق ويخشاه المواطن اليوم هو الجانب السياسي وتداعياته الخطيرة فلطالما اعتبر الشعب ان أعظم ما تحقق هو بناء نظام ديمقراطي مبني على التداول السلمي للسلطة الجميع يعمل للحفاظ عليه، وان لا نستيقظ في يوم من الأيام على انقلاب عسكري والبيان رقم واحد،أو احتلال يضاف الى أعداد المرات التي استبيحت فيها بغداد لكرامتها،والمواطن أصبح متيقن ان الحكومة التي ضحى من اجلها بالغالي والنفيس هي ملك للحزب الحاكم وليس له فيها شيء لا من قريب ولا من بعيد...ليتحول ممن عرفناهم بالوداعة والعطف الكبير إلى وحوش كاسرة تأكل كل من يقف أمامها و بدون أية رحمة أو إنسانية ونزعة الرحمة من قلوبهم فلم يعدون يتألمون لماسي أبناء وطنهم ولم تعد تسيل دموعهم من اجل هذا الوطن ومن مخافة الله تعالى،وأصبح الاحتيال والالتفاف على ما يتفق عليه يعد شاطرتا ومراوغة سياسية،والتعامل بخوف من الجميع وعدم الوثوق بأحد هو حذر شديد وتدبير جيد للأمور والواقع يقول عكس ذلك تماما فالمشكلة التي لأتحل أبدا هي فقدان الثقة مابين الأصدقاء والأعداء وعلى حد سواء..
https://telegram.me/buratha