المقالات

لولا الحجة (ع) لساخت الأرض بأهلها

1743 10:47:00 2011-08-04

خضير العواد

إن المسائل العقائدية يتم الأعتقاد بها أعتماداً على قول ألله سبحانه وتعالى أو قول المعصوم عليه السلام (الرسول الكريم (ص) والأئمة المعصومين عليهم السلام) فإن القرأن والمعصومين (صلوات ألله عليهم أجمعين ذكروا وجه الحكمة أو العلة والفلسفة للكثير من المباحث والأحكام الإلهية في الأصول والفروع والأخلاقيات والثواب والعقاب وغير ذلك .....(1), فأذا قال ألله سبحانه وتعالى أو المعصوم عليه السلام قول فلايمكن الإجتهاد به أو مناقشته من كل النواحي وهذا ما تفقت عليه جميع المذاهب الإسلامية أذ تقول القاعدة الفقهية ( لايجوز الإجتهاد أمام النص) لأن النص يمثل أمر إلله سبحانه وتعالى في دينه فأذا تم الإجتهاد في هذا النص أصبح النص المُجتَهد فيه ليس من دين إلله سبحانه وتعالى لأنه ليس النص أو الأمر الذي أراده ألله سبحانه وتعالى بل أصبح نص وأمر المُجتهد بعد الإجتهاد فيه لأن العبودية هي الإتباع والإنقياد لأوامر ألله سبحانه وتعالى . وكذلك قول المعصوم عليه السلام لأنه من قول إلله سبحانه وتعالى أذ يقول إلله سبحانه وتعالى ( وما ينطق عن الهوى أن هو إلا وحيٌ يوحى )...(2) ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا )....(3) , وحتى المعصوم عليه السلام قد حذره ألله سبحانه وتعالى من المساس بالنص الإلهي (زيادته أو نقيصته ) والمعصوم لا يمكن أن يتقول علينا بعض الأقاويل ويوضح ذلك المفهوم هذه الأية...(4) أذ يقول إلله سبحانه وتعالى ( ولو تقول علينا بعض الأقاويل ,لأخذنا منه باليمين ,ثم لقطعنا منه الوتين , فما منكم من واحد عنه حاجزين وأنه لتذكرة للمتقين).....(5), أي التهديد صارخ لكل بني البشرفي الإفتراء على ألله سبحانه وتعالى .فأما مسألة الإمام المهدي (عج) فقد أكد عليها القرأن الكريم وقد وصل عدد الأيات القرأنية التي تذكر هذه المسألة العقائدية المهمة أكثر من مئة أية علماً إن الأيات التي تذكر الصلاة عددها حوالي ثمانون أية فأنظر أهمية ظهور الإمام الحجة (ع) وأما السيرة النبوية فقد ذكرت هذه المسألة بأكثر من أربعة ألأف حديث لم تحصل أي مسألة أخرى على هذا العدد الكبير من الأحاديث , وأما ظهوره فقد أجمعت ألأمة عليه وأما بالنسبة الى غيبته فقد أكدت عليه السيرة النبوية وأحاديث أهل البيت عليهم السلام قال رسول ألله (ص)(......ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لايثبت فيها عن القول بأمامته إلا من أمتحن ألله قلبه للإيمان ....)....(6 ) , قال الإمام علي (ع) ((لاتخلوا الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهراً مشهورا وأما خائفاً مغمورا لئلا تبطل حجج ألله وبيناته ) .....(7) , قال رسول ألله (ص) (....التاسع يظهر بعد غيبة طويلة وحيرة مضلة........)....(8) ,قال الإمام الباقر (ع)(......فاذا أجتمع إليه العقد وهو عشرة ألأف رجل خرج فلا يبقى في الأرض معبود دون ألله عز وجل من صنم (وثن) وغيره إلا وقعت فيه النار فأحترق وذلك بعد غيبة طويلة ليعلم ألله من يطعه بالغيب ويؤمن به )....(9 ) , عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد ألله (ع) يقول (إن سنن الأنبياء (عليهم السلام ) بما وقع بهم من الغيبات حادثة في القائم من أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة .....فقال يا ابا بصير هو الخامس من ولد أبني موسى ذلك أبن سيدة الإماء يغيب غيبة يرتاب بها المبطلون ثم يظهرهُ ألله عز وجل ......).... (10 ) . بعد هذه الأحاديث المطهرة التي خرجت من المعصومين عليهم السلام فلايمكن النقاش أو الأجتهاد أمام هذه النصوص التي أخبرت بغيبة الإمام (عج) لأن قولهم هو قول ألله سبحانه وتعالى أعتماداً على الأيات السابقة بالإضافة الى قول الإمام الصادق (ع) (أولنا محمد وأوسطنا محمد وأخرنا محمد ) ....(11 ) , أي كلهم من نور واحد وكلامهم نورٌ واحد .ولكن مالفائدة من غيبة الإمام (عج) , كثير من العلل لا يمكن للإنسان أن يستوعبها أو يصل إليها وهذا يعود الى مستوى الإنسان العلمي الذي لايمكن له أن يفهم الحقائق الكبرى وهو الناقص وأين للذي تحيط به الذنوب والأثام أن يعي حقائق الأمور وأين وأين.... , ولكن ليس كل ما يجهله الأنسان دلالة على عدم فائدته أوعدم وجوده , فمثلاُ قال رسول ألله (ص) (لايعرف ألله إلا أنا و انت ولا يعرفني إلا ألله و أنت ولايعرفك إلا ألله و أنا )...(12) أي عدم معرفتنا بألله المعرفة الحقيقية دلالة على عدم وجوده أوعدم فائدته (أستغفر ألله عن هذا القول) فكيف تحيط قطرة الماء بالمحيط وكيف تحيط حبة الرمل بالمجرات وكيف يحيط من كان عدماً بواجب الوجود وكيف وكيف .... فعقولنا في كثير من الأحيان تقف حيرا ومرتبكة لصغرها أمام الحقائق الكبرى ولكن هناك إشارات من المولى عزة قدره والمعصومين عليهم السلام تبين لنا ما جهلته عقولنا لوضاعتها وصغرها , إن الإمام المهدي (عج) ليس الوحيد الغائب في هذا الكون بل هناك أكثر من واحد من الأولياء الصالحين غائبين في عالمنا هذا, وهذا ما أتفقت عليه الأمة الأسلامية قاطبةً وهم أدريس والخضر والياس على نبينا وعليهم أفضل الصلاة والسلام أذن ما الفائدة من غيبة هؤلاء عن الناس , القرآن الكريم أشار الى فائدتهم في غيبتهم عندما رافق موسى عليه السلام الخضر (ع) فأرانا ألله سبحانه وتعالى كيف ينشر ألطافه ورحمته على خلقه بواسطة هؤلاء الغائبين وهذه بعض الأيات التي تبين هذا الأمر قال ألله سبحانه وتعالى (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان ورائها ملكٌ يأخذ كل سفينة غصبا ,وأما الغلام فكان أبواه مؤمنيين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً ,وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنزٌ لهما وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل مالم تستطع عليه صبرا ) .....(13) , لاحظنا من خلال هذه الأيات الكريمة كيف ينشر ألله سبحانه وتعالى رحمته وألطافه على بني البشر من خلال أوليائه الصالحين الذين يقومون بتنظيم الأمور وقضاء حوائج الخلق بأمر من ألله سبحانه وتعالى وما قصة الخضر (ع) مع موسى (ع) إلا نقطة في بحر من الألطاف اللاهية التي ينشرونها علينا هؤلاء الأولياء الصالحون ولكن هذه القصة تفتح علينا الأفاق وتبين لنا الجزء اليسير من المصلحة في غيبة هؤلاء الأولياء وفي مقدمتهم سيدنا ومولانا صاحب العصروالزمان (عج) , أما السنة النبوية فلم تترك الأمر دون تبين وتوضيح فقد سأل جابر بن عبد ألله الأنصاري رسول ألله (ص) (..... فهل ينتفع الشيعة به في غيبته فقال رسول ألله (ص) أي والذي بعثني بالنبوة إنهم ينتفعون به ويستضيئون بنور ولايته في غيبته كأنتفاع الناس بالشمس وأن تجللها السحاب ) ....(14 ) , قال ألأمام الحجة (عج) في أحد رسائله للشيخ المفيد ( .... إنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم اللاواء أو أصطلمكم الأعداء ..)..... ( 15) , أما السنة النبوية فقد بيّنت فائدة الإمام الحجة (ع) في غيبته كفائدة الناس من الشمس أي بدونها لا توجد حياة وهكذا أهمية الإمام الحجة (عج) في غيبته للناس لولاه لساخة الأرض بأهلها وقد أكد الإمام المهدي (ع) من خلال رسالته للشيخ المفيد على هذا المعنى من خلال رعايته للخلق والاحفاظ عليهم من كل الأفات والبلايا , والتمعن في الزيارة الجامعة الكبيرة للأمام الهادي (ع) وزيارة آل ياسين للإمام الحجة (عج) يتبين لنا الكثير من الحقائق والفوائد التي نحصل عليها من الإمام في غيبته بالإضافة للقصص الكثيرة التي تروي لنا لقاءات الإمام الحجة (عج) مع الكثير من المؤمنين الصالحين حتى أصبحت حد التواتر لعدالة وصدق رواة هذه القصص, ولكن الإبتعاد عن علوم أهل البيت عليهم السلام يجعلنا نتخبط بالمصطلحات والكلمات التي لا تنفع بل تضر لأنها تبعدنا عن الطريق القويم الذي ليس فيه إعوجاج فتجعلنا لانرى الشمس في عز الظهيرة كيف لا والبعض يرى ليس هناك حاجة للأمام الحجة (ع )في غيبته بعد أن ملئت ألطافه وبركاته كل شئ قال الأمام الباقر (ع)( أنما العمى عمى القلب , فأنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)....(16) , فمهما درس الأنسان وأجهد حاله فأنه لا يصل الى الهدف الأسمى إلا من خلالهم لأنهم ابواب ألله وحججه على الخلق فألراغب عنهم مارق واللازم لهم لاحق والمقصر في حقهم زاهق والحق معهم وفيهم ومنهم واليهم , فلا تضيعوا الوقت و لاتشغلوا عقولكم بافكار ليس لها صلة بعلوم أهل البيت (ع) فهذا كله هباءاً منثورا ومضيعة لعمر الأنسان القصير الذي لا يمكن تعويضه بأي حال من الأحوال .

1- من فقه الزهراء -السيد محمد الشيرازي ج2ص346 2- سورة النجم أية 3 3- سورة الحشر أية 7 4- البيان في تفسير القرأن - السيد الخوئي ص36 5- سورة الحاقة أية 44- 48 6- كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق ص253 , ينابيع المودة ,القندوزي الحنفي ج3ص238 , كفاية الأثر ,الخراز القمي ص54 7- نهج البلاغة, بن أبي الحديد المعتزلي ج4 ص37 8- كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق ص258 9- المصدر السابق 332 , معاجم أحاديث المهدي (عج) للشيخ علي الكوراني ج3ص493 10- كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق ص345 11- خاتمة المستدرك للميرزا النوري ص126, الغيبة النعمانية ص 85 12- مقتل الحسين (ع) للسيد المقرم ص45 12- سورة الكهف أية 79-81 14- كمال الدين للشيخ الصدوق ص253 ,تفسير الصافي للفيض الكاشاني ص 464 15- الإحتجاج للطبرسي ج2 ص 323 16- غنائم الأيام للميرزا القمي ج3 ص 123  

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك