مقال للكاتب والإعلامي قاسم العجرش
*هذا شيخ طاعن في السن يقدم اللجوء خارج الوطن، وآخر أيضا شيخ طاعن في السن يبحث عن "تعيين" في شرطة المدينة! وأنا ابحث عن حذائي اليتيم وقمصاني المهترئة الياقات وأسأل زوجتي أين الحقيبة !؟ تخبرني أنت لا يمكنك أن تصنع وطنا جديدا بعد العشرين الثالثة من عمرك، فالى أين تبغي الرحيل بحقيبتك؟ وابحث في ذاكرتك عن أيام صباك... لن تجد مكانا للهاربين من رحم الوطن... فلقد كانوا ظامئين الى أفئدة جديدة، لكنهم الى اليوم وبعد أن أصبحوا بعمر مثل عمرك لن يجدوا فؤادا كفؤاد العراق، ولن يجدوا قبرا إلا في العراق ، وها هم يعودون...أعادني "قاط الرزالة الخفيف" الى منظر الشيخ الطاعن بالسن وهو يقف على ابواب السفارات يبحث عن لجوء خارج الوطن..الرجل أعرفه حق المعرفة..ليس سياسيا وليس فقيرا، وليس لديه أولاد كثر، عنده بنت واحدة فقط، عنده بيت كبير في حي دجلوي ـ أي يطل على نهر دجلة.. في حديقته نخلة تحمل تمرا لذيذا بطعم العسل، نخلة تحمل تمر البربن الأسطوري..ولكنه يريد أن يرحل، سألته لم تريد الرحيل؟!.قال لي لم تعد نخلتي تطرح تمر البربن!!..
** رياح التغيير دفعت من كانوا يتوارون خلف الستار للخروج ومحاولة نفض الغبار الذي ظل عالقاً بسيرتهم الذاتية أينما ذهبوا، ليظهروا لنا فجأة بثياب الثوار والمناضلين، أو بلبوس المظلومين والمقهورين، و معظمهم لبسوا جلود مقارعة نظام صدام ،فنزوا بهذه الفرية على كراسي الحكم في العراق ليقدموا لنا "راجيتات" بالديمقراطية التي يستثنون أنفسهم من تناولها كدواء... وتناولوا أقراص حبوب إدعاء شجاعة وتحولوا بقدرة قادر ـ الى مناضلين كما يسميهم الليبراليون أو مجاهدين حسب التوصيف الأسلامي أو مكافحين حسب "راجيتة" اليسار العراقي.. وها هم بلا خجل من ماضيهم يهاجمون النظام الذي كانوا يدافعون عنه، وكونوا فرقة موسيقة تهاجم النظام الذي كانت تعزف له أناشيد تدافع عنه وعن استقراره، وتتغنى بحنكة مسؤوليه السياسية.. وبعض هؤلاء كان عازفا أساسيا في جوقة إعلام النظام الصدامي....وأدخلوا أروقة وزارة الإعلام ـ عفوا شبكة الإعلام العراقية، ويا سبحان مغير الأحوال..
كلام قبل السلام: هناك وجوه تطل للمرة الأولى فتأسرك وتلفك معها، ووجوه تراها كل لحظة ومع ذلك لا تسرك!...
سلام..
https://telegram.me/buratha