احمد عبد الرحمن
لعل الترابط بين ما هو سياسي وما هو امني واقتصادي وحياتي في المجتمع امر بديهي وقضية حتمية لايمكن النقاش والجدل كثيرا بشأنها لاثبات العكس.وفي العراق، اثبتت وتثبت يوميا الحقائق والارقام والمعطيات على ارض الواقع ان الاحتقان السياسي يعنكس بصورة سلبية على الاوضاع الامنية والحياتية والاقتصادية لعموم ابناء المجتمع. ولان الاحتقان السياسي يعد واحد من ابرز سمات وخصائص المشهد السياسي العراقي طيلة الاعوام الثمانية الماضية، ليس بسبب ان التجربة الديمقراطية حديثة العهد ولم تتكامل ولم تنضج وتتبلور بما فيه الكفاية، وانما لان معظم المشاريع والحسابات والبرامج والاجندات السياسية بقيت تتحرك في فضاء العناوين والمسميات الحزبية والفئوية-القومية او الدينية او الطائفية او المناطقية-الضيقة، ولم تتحرك وتمتد الى فضاء العنوان والمسمى الوطني العام. هذه الاشكالية التي مازالت حاضرة بقوة في كل تفاصيل وجزئيات الحراك السياسي في البلد، ساهمت -شئنا ام ابينا-في تهيئة الارضيات لاوضاع امنية متشنجة ومختقنة ومضطربة على طول الخط مع ارتفاع وانخفاض في الخط البياني يرتبط بدرجة كبيرة بأيقاع ومنحى الحراك السياسي، والقت تلك الاشكالية ايضا بظلالها الثقيلة على الواقع الحياتي والخدمي للمواطن العراقي، بحيث ان احتياجاته ومتطلباته اليومية الاساسية، مثل الكهرباء والماء والوقود وفرص العمل، التي يفترض بالدولة-الحكومة ان توفرها له، بقيت اما غائبة او متلكئة ودون مستوى الطموح كثيرا.ويبرز الترابط بين السياسي والامني والحياتي والخدمي اليوم بصورة واضحة وجلية، واذا كان المواطن العراقي قد تفاءل واستبشر خيرا قبل سبعة شهور بعد مخاضات عسيرة اسفرت عن تشكيل الحكومة، فأنه يعيش حاليا وسط اجواء كبيرة من الاحباط واليأس والاستياء، لاسيما وانه يشهد ويشاهد عن كثب مسارات العملية السياسية، وطبيعة الحوارات والمفاوضات العقيمة في جانب كبير منها بين الكتل السياسية حول مسائل ماكان ينبغي لها ان تأخذ كل ذلك الوقت الطويل، لو ان المصالح الوطنية العامة تقدمت على المصالح الفئوية الخاصة. ومن حق المواطن العراقي ان لايبدي تفاؤلا حيال طبيعة مايجري في الساحة الساحة بمختلف ميادينها كالحكومة ومجلس النواب، وهو يأن تحت وطأة ظروفه الحياتية الصعبة والمرهقة للغاية، وعلى المعنيين بزمام الامور ان يدركوا ان مفتاح النجاح والاستقرار الحقيقي للبلد هو انفراج الاوضاع الحياتية والامنية السيئة للمواطن، ووعليهم ان يدركوا ايضا ان انفراجها لايتحقق الا بأنفراج الاوضاع السياسية، ومهذا ما ينبغي ان يقوموا به هم انفسهم.
https://telegram.me/buratha