اسعد عبد الجبار
القسم العاشر والاخير -----------------
ما يميز النظرية الاسلامية عن النظرية العلمانية في الحكم وادارة شؤون الدولة والمجتمع هو ان الاولى لاتفصل بين الدين والسياسة-الدولة، بينما الثانية تقصي الدين من السياسة، وتجنح الى تهميشه وحصره في زوايا معينة وضيقة، وهي في ذلك تتطابق وتنسجم مع طبيعة العلاقة بين الكنسية والدولة بجهازها التنفيذي، وموقع الكنيسة كمؤسسة دينية في المجتمعات الغربية، ومعيار الحكم على اي تيار اسلامي ديني هو مدى تطبيقه للشريعة الاسلامية والتزامه بالاحكام الشرعية، ورجوعه للعلماء الاعلام ومراجع الدين في رسم سياساته وصياغة مناهجه.ومتى كان ملتزما ومراعيا لذلك فأنه يمكن ان يوصف بأنها اسلامي، ومتى ما انحرف وابتعد عن هذ المسار فأنه سيوصف بوصف اخر.وقيام حزب الدعوة الاسلامية بألغاء المجلس الفقهي قبل ثلاثين عاما مثل نقطة التحول في مسيرته، ودحض الكثير من شعاراته رغم انه حرص على ان يحتفظ بثوبه الاسلامي، وان اصابه التهروء والبلى وبهتت الوانه الى حد كبير.وبحسب ما ورد في الكثير من ادبيات الحزب ومنها قرار الحذف (لاتجب علينا اطاعة حكم الفقيه الجامع للشرائط على طول الخط وفي جميع مايحكم به ، لذا لايعني حذفنا للزوم تبني حكم الفقيه الجامع للشرائط اننا لانؤمن بمبدأ ولاية الفقيه) وهذا الموقف المزدوج يراد منه مجاملة الجمهورية الاسلامية الايرانية وزعيمها الامام الخميني في ذلك الوقت، او بعبارة اخرى تجنب التعرض لضغوطات ومشاكل معها في حال تم الاعلان بوضوح وصراحة عد الالتزام بولاية الفقيه او ابداء موقف فيه نوع من التقاطع مع هذا المبدأ، كما حصل مع المرحوم المرجع اية الله العظمى السيد محمد حسين الشيرازي، الذي اثر التصادم مع القيادة الدينية والسياسية في ايران وايضا كما حصل مع المرحوم اية الله العظمى الشيخ محمد حسين منتظري.حزب الدعوة لم يكن مستعدا للتصادم، لانه كان يسعى الى اسعى الى احراز اكبر مقدار من المكاسب وان تطلب ذلك ممارسة اقصى درجات البراغماتية السياسية في التعامل مع ايران ومع دول عربية كانت تتبنى الفكرة القومية العربية او مع الولايات المتحدة الاميركية التي كان يصفها الايرانيون بأنها الشيطان الاكبر.وعودا على الفقرة المشار اليها اعلاه نقلا عن ادبيات الحزب فأن السيد مهدي النجفي يقول انه لو صح مايقال بشأن عدم لزوم تبني قيادة الدعوة الاسلامية لحكم الفقيه الجامع للشرائط يصح ايضا بشأن ترك اطاعة الفقيه الجامع للشرائط على اساس اللى اساس القطع بالخطأ والاشتباه في تقديره وعدم مطابقة احكامه للمصلحة الاسلامية احيانا جاز ايضا -ولنفس السبب -ترك اطاعة الولي الفقيه العام ، اذ ليس الفقيه الولي معصوما ، وانما تخطأ احيانا تقديراته فلماذا اذن يلغى الالتزام بحكم الفقيه الجامع للشرائط دون ترك الالتزام بحكم الولي الفقيه العام؟!!).ويبدو ان التأريخ اذا لم يعيد نفسه فأنه في الوقت الحاضر حيث حزب الدعوة في قمة هرم السلطة ويمسك ومنذ ستة اعوام وبقوة بالسلطة التنفيذية اتسعت الهوة بين شعارات الحزب ومبادئه النظرية من جهة، وممارساته العملية من جهة اخرى التي انحصرت في هدف الاحتفاظ بالسلطة وتكريسها واحكام القبضة عليها والسعي المحموم الى عدم التفريط بها مهما كانت الظروف والاحوال والمبررات. والحديث عن وجود اقدم حزب اسلامي شيعي على رأس هرم السلطة بعد حزب البعث الصدامي حديث طويل ومتشعب وذو شجون .. سنفرد له دراسة اخرى.انتهى .....
https://telegram.me/buratha