الكاتب ..عمران الواسطي
مما لا شك فيه إن سماحة السيد عبد العزيز الحكيم ( قدس ) يعتبر واحدا من ابرز الشخصيات القيادية التي ظهرت على الساحة السياسية العراقية . وساهمت بشكل كبير في إفهام العالم حول خطورة بقاء النظام الصدامي القمعي الذي لم يعطي للعراقيين أي نوع من الحقوق . وبالتالي مصادرة كل ما من شأنه فائدة المواطن العراقي وتحويل المنفعة الكلية لعائلته وأزلامه ومنتفعي حزبه ، لذالك كان للدور البارز الذي قام به سماحة حجة الاسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم ( قدس ) الأثر البالغ في زعزعة أركان هذا النظام من خلال العمليات الجهادية التي كان يقودها ضد ذلك النظام المتغطرس . وألان ونحن نمر بذكرى رحيله لا يمكنني إن اكتب أكثر مما كتب عنه لأنه بالمحصلة النهائية يستحق اكبر من الكتابة لما قدمه من تضحيات في سبيل نجاح العملية السياسية في العراق . فارتأيت إن اعرض نبذة من سيرته الوضاءة أمامك عزيزي القارئ لكي تعرف عن كثب شخصية هذا المجاهد الكبير . ولد السيد عبد العزيز الحكيم عام 1950م في مدينة النجف الاشرف معقل العلم والجهاد، ومثوى سيد الوصيين علي بن أبي طالب"ع" من أسرة ضاربة في الجذور في العلم والتقوى، أسرة الفقاهة والشهادة حيث استشهد 63 شخصاً منها وسجن واعتقل أكثر من مائتي شخص من الرجال والنساء في زمن النظام السابق، وهو اصغر أبناء المرجع الديني الراحل الإمام السيد محسن الحكيم (قده) العشرة والوحيد الذي بقى منهم على قيد الحياة بعد ان استشهد إخوته جميعاً وكان آخرهم شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم . وحظي السيد الحكيم برعاية إخوته الذين منحوه الكثير من علومهم وشمائلهم كما حظي باهتمام ورعاية الشهيد آية الله السيد محمد باقر الصدر (قده) والعديد من الأساتذة البارزين، في النجف الاشرف.توجه في وقت مبكر من حياته نحو الدراسة في الحوزة العلمية المشرفة في النجف الاشرف، فدرس المقدمات في (مدرسة العلوم الإسلامية) التي أسسها الإمام الحكيم في السنوات الأخيرة من مرجعيته وكان المشرف على المدرسة شهيد المحراب آية الله السيد محمد باقر الحكيم (قده)، وفي مرحلة السطوح تتلمذ على يد مجموعة من الأساتذة في الفقه والأصول، كآية الله العظمى الشهيد السيد محمد باقر الحكيم، وآية الله الشهيد السيد عبد الصاحب الحكيم، وكذلك آية الله السيد محمود الهاشمي. وبعد ان أتم السيد الحكيم مرحلة السطوح تحول الى البحث الخارج، فحضر دروس البحث الخارج في الفقه والأصول لدى الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قده) عندما شرع (رضوان الله عليه) بإلقاء دروسه في البحث الخارج في مسجد الطوسي. كما حضر لفترة وجيزة درس البحث الخارج لدى المرجع الكبير الإمام الخوئي، وفي هذه الفترة كتب تقرير درس البحث الخارج للسيد الشهيد الصدر سنة 1977. ومع انشغاله بالعمل الاجتماعي العام وتلقي العلوم الحوزوية فقد بادر الى تأليف كتاب (معجم اصطلاحات الفقه) وأمضى في هذا المشروع سنة كاملة، وشجعه على ذلك أستاذه الإمام الشهيد الصدر(قده)، ولكنه توقف عنه بعد ذلك بسبب الظروف الحرية التي مر بها الشهيد الصدر (قده) والعمل الإسلامي بشكل عام، وما صاحب ذلك من حدوث انتفاضة رجب عام 1979 وبهذا يكون السيد عبد العزيز الحكيم قد دخل مرحلة جديدة من العمل الاجتماعي والسياسي لمواجهة الظروف المستجدة. وعند شروع الشهيد الصدر (رض) في تنظيم الحوزة العلمية لبناء مشروع المرجعية الموضوعية اختاره ليكون عضواً في اللجنة الخاصة بذلك الى جانب كل من آية الله السيد محمد باقر الحكيم (قده) وآية الله السيد كاظم الحائري، وآية الله السيد محمود الهاشمي، وكان هؤلاء جميعاً يشكلون ما كان يعرف بـ (لجنة المشورة) الخاصة بذلك المشروع.وبعد ان قام النظام السابق باحتجاز الشهيد الصدر(قده) تفرغ السيد عبد العزيز الحكيم تماماً لترتيب علاقة السيد الشهيد (قده) بالخارج، وكان حلقة الوصل بينه وبين تلاميذه، والجمهور العراقي داخل وخارج العراق، وقد تحمل في ذلك اخطاراً كبيرة هددت حياته، واستمر في تأمين الاتصال بوسائل صعبة وخطرة في ظل إرهاب السلطة وقسوتها، فكان يبعث بالرسائل الى الشهيد الصدر (قده) المحتجز تحت المراقبة الشديدة، وتلقى التوجيهات منه، ولم يكن ذلك بالطرق المتعارفة في كتابة الرسائل وإنما باستخدام الإشارات والعلامات والرموز... البقية في الحلقة القادمة .
https://telegram.me/buratha