حمزة الدفان
كثير من الناس الذين بلغ بهم الضجر والملل غايته بدأوا يبحثون في كتب الحديث والمرويات والتراث الشعبي عن علامات نهاية العالم ، وهو ميل انتحاري واضح ، يصبح فيه الانسان يتمنى الخاتمة بسبب تدني قدرته على احتمال المشاكل ، يتمنون الموت بطريقة رمزية غير مباشرة ، البحث في الكتب القديمة سوف يسفر عن مفاجئة تعقد الالسن ، فعلامات نهاية العالم متحققة في العراق ، ومن يجري قراءة واقعية دقيقة للنصوص التي تحدثت عن نهاية العالم وعلاماتها الطبيعية والبشرية ثم يعود لقراءة واقع العراق الاجتماعي والسياسي والبيئي سيجد ان جميع تلك العلامات متحققة في العراق وما هي الا مسألة زمن وينتهي كل شيء ، ففي موسوعات الحديث مثلا ان الناس يولون عليهم الاراذل والاوباش واللصوص ( يجعلونهم حكاما ) وقد تم تنصيب امثال هؤلاء بكثرة العراق في مواقع مهمة ، وكانت ثمرة وجودهم انتشار الفساد في الوزارات ، والتحقيقات تؤكد ضلوع وزراء في هذه السرقات كما في التجارة والكهرباء وغيرها . كما تشير تلك المرويات الى تولي النساء السلطة ومواقع مهمة فيها ، وترى تلك المصادر الغابرة ان حكم النساء شذوذ عن طبيعة البشر فالمرأة انما خلقت للجنس والانجاب وتدبير شؤون المنزل فاذا اصبحت في موقع الحكم فستقدم نتائج معاكسة لانها تتصرف بخلاف الفطرة ، وفي العراق هناك نائبات ووزيرات ومديرات من كبار المسؤولين ، وحنان الفتلاوي وحدها تعد من علامات نهاية العالم فهي تصول وتجول وتتمنى ان تستجوب جميع الوزراء واذا لم تجد من توجه له الاتهامات اطلقت سهام تصريحاتها الى الاقربين كما فعلت بالائتلاف الوطني المتحد مع قائمتها واتهمته بالتصفيق للفساد مؤخرا ، ويكاد تصريحها ان يشق التحالف الوطني ، وهناك نساء أخريات السنتهن كالسكاكين كناهدة الدايني وعالية نصيف ومها الدوري وسوزان السعد وغيرهن من ملكات الخطابة والتهريج فهن من علامات نهاية العالم . ومن العلامات ايضا بناء المساجد الشامخة وزخرفتها والتطاول في منائرها مع قلة المصلين ، وفي بغداد تزهو المساجد وتتكاثر ولكن بحلول وقت الصلاة تجد حفنة من المسنين الذين يموت احدهم فورا اذا صرخت في وجهه ، وغياب شبه كامل للشباب الذين كانوا في لحظة الآذان منشغلين بمشاهدة مباراة برشلونة وريال مدريد ، الفريقان العالميان لا يمتان بصلة الى احد من العرب والمسلمين لكن الناس تركوا الفرق الوطنية لأمة الاسلام وتعلقوا بالفرق اليهودية والنصرانية ، اعتقد ان ذلك من آثار العولمة الثقافية ، وهي مثل العولمة الاقتصادية ، فالصين تنتج ارخص واخف واحدث الملابس والاحذية ويصل انتاجها الى ابعد نقطة في العالم وادى ذلك الى اغلاق مصانع الاحذية والملابس العراقية لعجزها عن منافسة المنتج الصيني وما ينطبق على الأحذية ينطبق على الرياضة ، نوادي العولمة الكروية تؤدي الى اغلاق المنتخب الوطني لضعفه وانهياره كما اغلقت معامل الأحذية الوطنية ، فاز منتخب العراق ببطولة آسيا عندما لعب بروح الفداء والايثار وطلبا لقيمة معنوية عليا لكنهم تهاووا امام اضعف الفرق بعد ان اصبحوا يفكرون بالمال وابرام العقود المليوينية مع نواد عالمية ، لا يوجد اي رواية تشير الى نهاية المنتخب الوطني لكنه من علامات نهاية العالم الواضحة ، وخلو المساجد من المصلين سببه برشلونة لعنها الله والملائكة والناس اجمعين ، لم يذكر اسمها في الروايات ولو ذكرت لجاءت بصيغة (البرشة) كما يسميها سكان بيوت التنك واهل البطالة من حول بغداد ويصفقون لفوزها في اكواخهم البالية تصفيقا مسائيا يتغلب على صوت الآذان وينعكس صداه المدوي على المستنقعات العطنة التي تطوق اكواخهم ويختلط مع التصفيق سعال السل لعجائزهم الذين يلفضون انفاسهم الأخيرة ، ومن علامات نهاية العالم في بغداد الكاسيات العاريات المذكورات في مرويات الفريقين واسانيدهم الحديثية ، الفضائيات في شهر رمضان حافلة بهن كمقدمات برامج وضيفات حوار وممثلات ، مكياج صارخ وسراويل جينز ضيقة تعزز حالة عري فريد ، المؤمن القابض على دينه امام هذا العري ليس كالقابض على جمرة بل هو قابض على فرن ، اكثرهن تحولن الى رموز للاغراء الجنسي كأنهن دمى ملونة ، يستعرضن اجسادهن اردافا وصدورا وسيقانا يقلدن المومسات العالميات اللاتي هن رموز لصناعة الدعارة المقنعة ، دعارة مغطاة في الفنون دعارة في الآداب دعارة في الدوائر في ظل جيل من الكاسيات العاريات ذوات التطلعات الساذجة ، بعضهن يتصورن انهن محجبات فيلبسن ثيابا ضيقة تظهر اجسادهن مجسمة ويتلفعن بربطة او فوطة ، فهي قديسة الرأس عاهرة الجسد ! السؤال المحير هو هل لهذه النساء آباء او اخوان او ازواج او اقارب وما هي اخبارهم وماذا جرى لهم ، وهل ان صناعة الدعارة المقنعة تقابلها دائما صناعة القوادة المقنعة ايضا ؟ هذا المقال قد لا ينشر كي لا تغضب اؤلئك النسوة ، وعدم نشر مثل هذه المقالات هو تعزيز لحالة غياب النقد الاجتماعي وانقطاع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكله السلمي الايجابي وهو انحدار آخر . ومن علامات نهاية العالم في بغداد ان يكون المعروف منكرا والمنكر معروفا ، مظاهر عري النساء وتشبه الاولاد بالبنات وشرب الخمر علنا وافطار رمضان علنا والكذب بلا تحرج او اضطرار واخلاف المواعيد والتسابق في المظاهر التافهة من ملبس ومأكل وسيارات فارهة ونسيان الآخرة والبهيمية في كل شيء ، اغلبية غافلة جاهلة ان ذكرتهم بالله والموت ويوم الحساب هربوا منك ذعرا وشعروا بالاختناق ، المؤمن بينهم غريب ، وقيل في السنن ان خطايا العباد تنعكس على قوانين الطبيعة وثوابت البيئة وقد انعكست في بلادنا هذه السنوات اصبحت مدة الصيف تسعة اشهر والشتاء ثلاثة اشهر وقد اختفى الربيع والخريف ، وتراجعت مياه العراق فتضائل منسوب دجلة والفرات وبعد سنوات سيجف النهران وعم التصحر واصبحت حرارة الصيف تقارب 60 درجة ، وفي علامات نهاية العالم ان تصبح مصائر العباد في ايدي الاراذل من القوم ومن لا مروءة لهم ، وها هم اصحاب المولدات الأهلية اكثرهم وليس كلهم يسيمون الناس سوء العذاب يسرقون اموالهم ويزيدون محنتهم ويتفقون مع أراذل من امثالهم في دوائر الكهرباء الوطنية لتغيير مواعيد التشغيل ليحرموا الناس من الكهرباء وقتا اضافيا ويلقون في جيوبهم اموالا اضافية انهم مايأكلون في بطونهم الا النار ، هذه علامات نهاية العالم سائدة في بلادنا بكل نماذجها الاخلاقية والبيئية . مع كل هذا الانحدار المخجل لحد الآن نجد بعض الابواق الحمقاء تتمسك بالعنصرية الفارغة : نحن العراقيون اول من علم الناس الكتابة ، اصحاب الجنائن المعلقة ، اصحاب مسلة حمورابي ، هكذا كان اجدادهم اما اليوم فهناك انقطاع حضاري مذهل عن ذلك التأريخ ، انه ليس وقت المناقب بل هو وقت المثالب ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه .
https://telegram.me/buratha