الدكتور رافد علاء الخزاعي
الصيام والطب (الجزء السادس)
امراض القلب والصيام
:﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾الحج
تعتبر امراض القلب والشرايين والسكري من أكثر الأمراض غير المعديه انتشاراً في العالم حيث تصل نسبتها إلى أكثر من 50 % من اسباب الوفيات في العالم ، هذا لا يعني أن المرضى الذين يعانون منها لا يمارسون طريقة حياتهم كبقية الأفراد في المجتمع بل على العكس ، كل ما هنالك هو أن يتبعوا نمط نظام غذائي صحي وسليم ، والذي يعتبر في الأصل ليس حكراً عليهم بل يشمل جميع الأفراد في المجتمع بغض النظر عن العمر كوقاية أوليه من هذه الأمراض .
ان القلب هو العضو الرئيسي للجهاز الدوراني وهو عبارة بصورة مبسطة عن مضخة تعمل بميكانيكتين مختلفتين هم الضخ والمص(الشفط) فالقلب متكون من اربع اقسام (حجرات)
مفصلوة بجدار داخلي وصمامات وممنهجة بضغط مختلف في كل حجرة من حجراته لديمومة الدورة الدمويه عن طريف شبكة من الاوعية الدموية من شرايين واوردة وشعيرات دموية بنظام مغلق وفي ضغط متوازن يتيح للانسان العمل في مقاومة الجاذبية وديمومة التروية لكل انسجة الجسم.ان الضغط في الاذين الايمن من 0-5 ملم زئبقي وهذا يتيح شفط الدم من الاجزاء العلوية والسفلى من الجسم عبر الوريدين الاجوف العلوي والسفلي مستفيدة من الضغط المنخفض في القفص الصدري في وقت الشهيق والزفير وبعدها يذهب الدم الى البطين الايمن وبضغط من 0-10 ملم زئبقي عبر صمام ثلاثي وبعدها عبر الشريان الرئوي الى الرئة لتحميل الاوكسجين عبر كريات الدم الحمر ومادة الهيموكلوبين خصوصا وبعدها الى الوريد الرئوي الى الاذين الايسر وبضغط من 20-40 ملم زئبقي وعبر الصمام التاجي الى البطين الايسر وهو المضخة الرئيسية ليضخ الدم عبر الشريان التاجي وعبر الصمام الابهر وبضغط انقباضي 120 ملم زئبقي وضغط انبساطي 80 ملم زئبقي في كل شرايين الجسم ومن الشريان الابهر ينبثق شريانان يسمى التاجيين لتروية عضلة القلب الثلاثية وبنفس الضغط المعتمد على مكيانكية الناعور في التروية .
ان الضغط وعمل القلب يرتبط بنظام عصبي وهرموني دقيق يعمل عن طريق حساسات في الشريان السباتي والمهاد الدماغي ويخضع الى تائثير هرموني عن طريق الادرينالين والنور ادرينالين وهرمونات من الغدة الكظرية والرئة والكبد والدماغ وعصبيا عن طريق العصب التائه. ان للصيام تائثير وفؤائد كثيرة للقلب والجهاز الدوراني بصورة عامة.
شهر رمضان فرصة حقيقة لتجديد الشباب وزيادة حيوية وعمل الخلايا وذلك لأن الصوم يؤدى إلى تأثيرين مهمين وهما :
1. أثناء استهلاك الجسم للمواد المتراكمة منه أثناء فتره الصيام فان من بين هذه المواد المتراكمة الدهون المتراكمة والملتصقة بجدران الأوعية الدموية فيؤدى ذلك إلى إذابتها تماما كما يذيب الماء الثلج ، وبالتالي زيادة تدفق الدم خلال هذه الأوعية وزيادة نسبة الأكسجين والغذاء الواصل إلى الخلايا عبر هذا الدم ، وبالتالي تزداد حيوية وعمل الخلايا ، لذلك نرى أن الشخص الذي يحافظ على الصيام تقل إصابته بمرض تصلب الشرايين وتتأخر عنده علامات الشيخوخة .
2. انتهاء وتحلل الخلايا التالفة واستبدالها بخلايا جديدة ونشطة يزيد من عمل وقوة وظائف الجسم المختلفة لذلك يشعر الإنسان بعد انتهاء شهر الصوم بنقاء جسمه وزيادة طاقته وصفاء نفسه .
3. وفي هذا السياق نشرت "الدورية الأمريكية لعلم التغذية السريري" الصادرة عن الجمعية الأميركية للتغذية، مقالا علميا استعرضت فيه نتائج تجارب أجريت على الثدييات والبشر، وكشفت عن دور الصوم المتقطع في خفض مخاطر الإصابة ببعض الأمراض المزمنة كداء السكري، وأمراض القلب والشرايين.
4. يخفف الصيام من أعراض وعلامات فشل القلب وذلك لأن الصيام يقلل من شرب السوائل ويقلل من تناول الأغذية ، إضافة إلى إذابة الدهون من الأوعية الدموية يحسن من عمل القلب وبالتالي يقلل من أعراض مرض القلب عند المصابين به .
5. السمنة أو زيادة الوزن : يعتبر شهر رمضان طبيب تخسيس مجاني وفرصة عظيمة لذوى الوزن الزائد بشرط أن يتم الالتزام بشروط شهر رمضان الصحية كالاعتدال في الأكل وزيادة الحركة والإقلال من النوم والكسل .
6- ان الصيام سيخلصنا من الكثير من العادات المضرة للقلب كالتدخين الايجابي والسلبي (الثانوي) وتقليل المنبهات المحتوية على الكافئين كالشاي والقهوة والمشروبات الغازية.
أما فيما يختص بالصحة القلبية فأبرزت البحوث الطبية ارتباط الصيام المتقطع، بعوامل الوقاية من أمراض القلب والشرايين، حيث كشفت دراسات عن دور الصوم المتقطع، في زيادة تركيز الكولسترول الحميد (HDL) عند الأشخاص الأصحاء، وخفض مستوى الدهنيات الثلاثية التي ترتبط بزيادة مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين، الأمر الذي أرجعه المختصون لانخفاض كتلة الجسم، وتراجع كميات الدهون فيه نتيجة للصيام.
الصوم ومرضى القلب وارتفاع الضغط المزمن: يضخ القلب عادة الدم إلى مختلف أعضاء الجسم ، ويستفيد الجهاز الهضمي من 10% من هذه الكمية ، لكن أثناء الصوم يرتاح الجهاز الهضمي ويتوقف القلب عن ضخ هذه الكمية ، مما يساعد مرضى القلب والذبحة الصدرية الذين سمح لهم الطبيب بالصوم على تحسين حالتهم .
امراض القلب وامكانية الصوم
أحد هذه الأمور الحياتية هو ما نعيشه في هذا الشهر ألا وهو شهر رمضان ، شهر الصيام ، وكثيراً ما تكثر الأسئلة الطبية عن إمكانية الصوم أم لا ، وكيف نتعامل مع الأدوية خاصةً وأنها أدوية أمراض قلب وشرايين وارتفاع ضغط وسكري وارتفاع كولسترول ودهنيات و هي أمراض مزمنة ، و غيرها من الأسئلة ، فإذا ما اتبع هذه النصائح والإرشادات الصحية والتوصيات الغذائية بشكلها الصحيح ، فتكون هناك فوائد عديدة ، تضاف إلى بقية الفوائد التي يجنيها الصائم ، فبالإضافة إلى أن الصيام يقرب الإنسان لله سبحانه و تعالى ويذلل نفسه بشعوره مع الآخرين وخاصةً الفقراء والمحتاجين.
فما هي هذه التوصيات الغذائيه السليمه والتي يجب إتباعها ؟
1. عدم الإفراط في الأكل وقت الفطور ، لأن كثير من حالات النوبات القلبيه الحاده ، والذبحات الصدريه كانت بعد أن يتناول المصاب وجبه دسمه وثقيله ،والسبب أن كمية الدم من بقية أعضاء الجسم ، تتحول إلى المعده لتساعد في عملية الهضم ، هذا يعني أن كمية الدم تقل عن المخ وعن شرايين القلب التاجيه وخاصةً إذا ما كان هناك تصلب وتضيق في هذه الشرايين مما يؤدي إلى نقص في تروية عضلة القلب ويحدث ألم الصدر أو حتى نوبه قلبيه حاده ولذلك: ينصح بتناول الإفطار على مرحلتين وليس على مرحله واحده بحيث يكون هناك فتره زمنيه بينهما كافيه لأن يحرق الإنسولين الطعام الذي ورد إلى المعده ولا يحصل التخمه وزيادة نسبة الدهنيات والسكريات في الدم والتي تحدث عادةً في حال أن كمية الطعام كان كثيراً .
وهي ان ناخذ عدد من التمرات مع كوب من اللبن ومن المفضل قليل الدهن لما للتمر من فؤائد متعددة لاحتوائه على سكريات احادية سريعة الامتصاص وسكريات ثنائية ومتعددة وتعطي اشرات سريعة للدماغ بالراحة والشعور بالشبع وهو ملين ومساعد على الهضم باحتوائه انزيمات سكرية مشابه للسكريات في عصارة البنكرياس. مع بداية الافطار ونذهب الى الصلاة وبعدها ناكل الحساء (الشوربة) وبعدها وجبة اليوم وهي الوجبات المتعددة من المطبخ الشرقي ولكن ننصح المرضى بتقليل المقلي والاعتماد على المشويات والسلق والامتناع عن الدهون الحيوانية(السمن البلدي او الدهن الحر) والاعتماد على الدهون النباتية غير المشبعة ومن المفضل زيت الزيتون لما فيه فائدة عظيمة في تقليل الكوليسترول والدهن الثلاثي وتاخير اكل الحلويات والفاكهةالى ساعة متاخرة بعد الفطور والاكثار من التفاح وعصير الليمون او العصير التمر هند او النمومي بصرة لاحتوائه على فيتامين سي واي لما فيهما فائدة لطرد المؤاد المؤكسدة من الجسم.
2. عدم الإكثار من تناول الأطعمه الغنيه بالدهنيات والكولسترول والحلويات ، ولعل في شهر رمضان بالإمتناع عن الأكل فرصه جيده لبداية غذاء صحي ونمط سليم يؤدي إلى تخفيض الوزن والتخلص من الكولسترول والدهنيات وخاصةً في شرايين القلب التاجيه والمخيه وكذلك تخفيض نسبة السكري و يساعد أيضاً في تخفيض ضغط الدم
3. متابعة مرضى القلب لعلاجهم الموصوف وعدم تركهم للأدويه حيث يمكن توزيع الأدويه على فترة الفطور وفترة السحور ، مع اخذ النصائح الخاصه من الطبيب المعالج ، مع انني سوف اسرد بعضاً منها إلا أن ذلك لا يكفي نظراً لأن كل حاله لها خاصيتها في المتابعه والعلاج.
هل يستطيع مريض شرايين القلب أن يصوم ؟
في العاده إذا كان الوضع مستقراً بالنسبه لشرايين القلب التاجيه فلا يوجد هناك أي مانع من الصوم فمريض الذبحه الصدريه . ومما لا شك فيه أن هذا المريض سيجد ضالته في الصيام حيث يمنع الطعام نهائياً أثناء الصيام, وعليه أن يحتاط عند الإفطار.وهذا الامتناع عن الطعام في الصيام يخفف العبء على القلب بنسبة 25% على الأقل حيث يقل المجهود الذي يقوم به القلب بانخفاض ضخ الدم ومن هنا يتقوى القلب تدريجياً بالصيام.والذي يعاني من ألم الصدر عند بذل جهد يستطيع الصوم شريطة تناوله ادويته العلاجيه والواقيه وان يتم توزيعها على الفطور والسحور، أما مريض الجلطه القلبيه الحاده والحديثه فينصح بعدم الصوم نظراً لأنه قد يحتاج ادويه في فترات متقاربه
هل يمكن لمريض الضغط ان يصوم؟
ان يصوم او لا يصوم هذا يعتمد بالاساس على نسبة ارتفاع ضغط الدم فاذا كان الارتفاع بالضغط ليس شديدا جدا اي بحدود الطبيعي أي بنسبة 140/80 ملم زئبق أو اقل هذا يعني أن الضغط لدية منتظم فبامكانة أن يصوم بشرط أن يكون متعاطيا لحبوب الضغط وتحت أشراف الطبيب أما اذا كان الضغط مرتفع باستمرار وغير مستقر و خاصة اذا كانت هناك قد ظهرت مضاعفات لارتفاع ضغط الدم مثل اختلال وفشل في وظيفة الكلى أو قصور حاد في شرايين القلب التاجيه ،عند ذلك يجب أخذ موافقة الطبيب على الصيام.
بشكل عام ينصح مريض الضغط الذي يصوم بأن يكثر من تناول الخضروات وأن يقلل من تناول الملح في طعامة ، بالنسبة للحبوب التي يتناولها مريض الضغط ينصح بأن يكون توزيعها كما يلي:
1. الحبوب المدرة للبول توْخذ بعد الافطار وليس بعد السحور وذلك لتجنب حدوث الجفاف والعطش خلال النهار2. حبوب الضغط توْخذ مع الافطار.
أعراض مرضى الازمات القلبية أثناء الصيام:
شعور بألم أو ضغط في منطقة الصدر مع أن كثير من الأحيان تكون الأعراض مجرد عدم الشعور بالارتياح في الصدر او الشعور بالخمول أو الضعف والارهاق مع اعراض تشبة اعراض عسر الهضم وخاصةً بعد تناول وجبه غنيه ودسمه.
أفضل وسيله للوقاية من هذة الجلطات هي الإكثار من شرب السوائل وافضلها الماء في الفتره ما بين الإفطار والسحور وذلك للحفاظ على درجة عاليه من سيولة الدم وهذا بدوره يقلل من نسبة لزوجة الدم و يقلل من احتمالية حدوث الجلطات القلبيه والدماغيه
نصائح عامة:
عدم بذل مجهود كبير يؤدي الى فقدان السوائل من الجسم ومن الافضل ذلك لانة يقود الى حالات الهبوط الحاد في الدورة الدموية وجلطات القلب والمخ والاوعية الدموية خاصة للمرضى الذين يعانون من السكري والكولسترول وارتفاع في ضغط الدم لانهم معرضون أكثر من غيرهم لهذة المضاعفات عند زيادة لزوجة الدم
التوصيات الغذائية السليمة التي يجب أتباعها بافكثار من السوائل والخضروات والسلطات ، والتقليل من الحلويات والأطعمه الغنيه بالكولسترول والدهنيات
1. تناول السحور عامل هام في منع حدوث الاعياء والصداع اثناء النهار2.ينصح الصائم بتناول سعرات حرارية اقل بقليل من
المعتاد أثناء شهرمضان مع الاهتمام باختيار أطعمة ذات
قيمه
مع قدوم شهر رمضان المبارك اشتقنا إلى الصيام وما يحققه لنا من صحة وحيوية وقوة إرادة وعزيمة وتقرب للخالق وعبادات وروحانيات لا تتكرر ولا نشعر بمذاقها إلا في هذا الشهر الفضيل, ولكن هناك من امتحنه الله بالمرض ولا يستطيع صيام رمضان كله أو قد لا يستطيع الصيام في رمضان نهائياً لمرض لا يصح معه الصيام وهؤلاء المرضى يتوقون للشفاء وإلى الأبحاث التي تُجرى في هذا المجال لمعرفة أثر الصيام في المرض وهل يمكنهم الصيام أم لا لأن المرضى المسلمين بالملايين ولعل قرائنا قد وجودوا فائدة من هذا الموضوع .ان رمضان هو شهر العطاء وتقبل الطاعات غفر الله ذنوبنا ورزقنا العتق من النيران.
https://telegram.me/buratha