عبدالحق اللاّمي
النوم نعمة من نعم الباري جل وعلا أعطاها لعباده حتى تأخذ الابدان راحتها بعد يوم عمل متعب فجعل الليل سباتاً والنهار معاشاً ولكن حين يصير النوم عادة يتعودها الانسان وتدمنها الابدان لا لتعب أو حاجة فسيولوجية تتحول هذه النعمة الإلهية الى نقمة فمن أدمن النوم ترك كل المهمات إلا حاجة تفرضها عليه طبيعة الحياة مثل الاكل وقضاء الحاجات ويتحول هذا الكائن الذي تديم حياته الحركة والنشاط والعمل الى كائن كسول متخم متثاقل يؤجل كل أعماله حتى يشبع من النوم وهو لا يشبع حتى وهو يقظ يتحرك ببطء ويتصرف وهو مثقل بالنعاس والتثاؤب لا يستطيع التفكير أو التخطيط أو العمل. مسؤولونا ولا أقول كلهم ولكن أغلبهم وفي مقدمتهم نوابنا المبجلون، من بين هذا العدد الهائل من النواب يبرز عدد قليل يتحركون ويتحدثون ويصرحون وأظن أنهم مكلفون من كتلهم وأحزابهم بلعب هذا الدور المتحرك لتغطية كسل ونوم الاخرين الذين لم نسمع لهم حساً ولا نرى لهم حركة، أسماء وأشكال هلامية لا ترى منهم إلا الأيدي حين ترفع للتصويت وأكثرهم لا يعرف على ماذا يصوت فهو ينظر الى رئيس كتلته وحزبه ومكونه فإن رفعوا أيديهم رفع يده (موافج) وإن (هوسوا) هوس معهم، يتوارى في الظل ويمر كالشبح متخم بطنه خائف على منصبه وامتيازاته تحيط به الحماية فتزيد من شخصيته غموضاً لا في العير ولا في النفير، وحين تمس ثوابت قائمته أو شخصية قائده ورمزه الذي أنعم عليه بكرسي البرلمان وأبهة السلطان يزمجر غاضباً ويرعد مستنكراً يتمنطق بما لقن به، وإذا طلب منه القائد البكاء بكى، واللطم لطم على صدره ورأسه كالثاكلات مستعجلا جداً يريد الخلاص من ورطة الاستيقاظ ليعود لنوم العوافي تحت هواء المكيفات العليل لا يدري بحر صيف العراق الذي يشوي الوجوه وينشف العروق ولا يعرف أن الجباه السمراء لابناء وطنه تقطر عرقاً مالحاً يؤلم العيون وإن أجسادهم مبللة بفيضان ماء الجسد المتعب يركضون وراء لقمة شريفة حلال لافواه جائعة عطشى. هؤلاء النيام يكذبون بامتياز ويفلسفون كذبهم بأن الظروف التي يمر بها الوطن حرجة تحتاج إلى كمية من الاكاذيب ، والى كميات من التبريرات لتغطية الفشل والاخفاق وستر فضح الفساد الاداري والمالي والمحسوبية وما فعلته بنا محاصصاتهم البغيضة وشراكاتهم الخاسرة، عقود وهمية واستيرادات قاتلة وحدود مفتوحة وأزمات لا تحل، وفساد يضرب أطنابه في كل مفاصل الحياة وثروات منهوبة وإرهاب يصول ويجول ومازال هؤلاء يكذبون ويبررون ويصرحون بكل وقاحة الـ (.....) لا يستحون من فضيحة ولا يتنصلون عن تهمة ضيعوا الثروات وتقاسموا الارباح وباعوا الوطن تحت غطاءات القوميات والطوائف والجهاد والمقاومة يتلقون تعليمات الاستيقاظ من النوم عند الحاجة ليهبوا فزعين متصارخين لتأدية أدوارهم المرسومة0 في كل يوم لهم خلاف وصراع حتى ينشغل به الناس ويتعذب من ورائه المحرومون ويجعلون منها حجة لتعطيل القوانين والمشاريع ومسيرة الامن والإعمار. اغتنوا حتى تكرشوا وتضخمت ميزانياتهم وحساباتهم وفاضت على زمر المتملقين لهم وجيوش الحمايات والمكاتب والاقارب والانسباء فأصبحت مؤسساتنا ودوائرنا الوطنية إقطاعيات خالصة لهم ولأبنائهم وحواشيهم..من يوقظ ضمائرهم من نومها، هيهات لقد أدمنت النوم تحت أغطية السحت الحرام ووسائد الكذب والتبرير!
https://telegram.me/buratha