حميد الموسوي
اذا استثنينا حقب الاستبداد السود التي امتازت باساليب القمع وتعامل الحاكم مع الرعية بصيغة السيد والعبد والمالك والمملوك والتي لامجال فيها بل من المستحيل على الصنم ان يصارح الشعب بحقائق الامور التي تخص مصالحهم وتصب في المصلحة الوطنية العليا ،او يكشف لهم الظروف والملابسات والمخاطر التي تحيط بالبلد بعيدا ً عن اساليب السياسة الملتوية وخلط الاوراق والتعتيم ،اذ يسعى جاهدا لتحويل الناس الى قطيع من الاغنام همها مرتعها ومنامها مهيئة للذبح في اية لحظة دون ان تدري وان عرفت فلا حول لها ولا قوة .لاغرابة في صدور اي منكر من الافعال عن الدكتاتور المستبد فهي من سنته وملازمة له لاينفك عنها ولابقاء له الا بها ومن خلالها ،الامر الذي يدفعه الى تسخير كل موارد الدولة للقمع والترويع وتكميم الافواه من اجل البقاء اطول فترة على كرسي الحكم .لكن الغرابة في عزل المسؤول نفسه عن شعبه في النظم الديمقراطية شعبه الذي اختاره واوصله الى مركز المسؤولية - صغر هذا المركز او كبر - هو منصب ومسؤولية يتحمل امانتها ويكون عند ثقة جماهيره ليفي بالوعود التي قطعها قبل الانتخابات ولا يحنث بالايمان التي اقسمها وهو يستلم الامانه .المؤسف اننا لم نلحظ - طيلة السنين السبع المنصرمة- تدافع المسؤولين وحرصهم على مفاتحة ومكاشفة جماهيرهم ولو من باب امتصاص غضب وجبر خواطر ...ورفع عتب . وتصدق هذه الملاحظة على معظم المراكز والمسؤوليات باستثناء الحضور الفاعل لرئيس المجلس الاعلى السيد عمار الحكيم .لقد دأب هذا الفتى العلوي وقبل تسنمه قيادة المجلس الاعلى على مكاشفة الجماهير ميدانيا ً ومن دون لف ودوران وتعمية وتعتيم ،سواء من خلال الجولات الميدانية في المدن والقرى والارياف وزيارة عوائل الشهداء والمستشفيات ولقاء السفراء والمسؤولين الدوليين والمحليين ،وتفقد الجامعات والمنتديات الادبية والعلمية والرياضية او من خلال الملتقى الثقافي الاسبوعي الذي حرص على اقامته في مقره كل يوم اربعاء وفتح ابوابه لكل العراقيين بغض النظر عن قومياتهم واديانهم وميولهم وتوجهاتهم واجناسهم واعمارهم .لعل اروع مافي هذا الملتقى تنوع طروحات السيد عمار الحكيم واستيعابها لهموم المواطن البسيط وتناول الحدث المحلي والعربي والاقليمي والعالمي ، واعطاء كل حدث مايستحقه من المعالجة وابداء الرأي وتسجيل الملاحظة.ومن اللافت والمثير ان السيد - وفي ملتقى واحد - استطاع ان يناقش ويغطي اكثرمن عشرة محاور مختلفة ،كان هذا لقاء الاسبوع الاخير من شعبان ، ولعل ابرز تلك المحاور :البرنامج الحكومي وتقييم البرلمان له ،تخفيض رواتب الرئاسات الثلاث، مؤتمر السفراء العراقيين ،الزراعة ومشاكلها وطرق النهوض بها ، وصول عدد الموقوفين الى 45 الف موقوفا خلال الشهرين الماضيين ، الواقع الامني في محافظة ديالى ،مستوى الفقر في العراق ، آلية توزيع الادوية من قبل وزارة الصحة ،مشاكل محافظة البصرة، الارهاب في النرويج ، اليوم العالمي للتنوع الثقافي .ومن المنصف ... وبعيدا ً عن التزلف والمحاباة ، ان هذا الاسلوب الناضج من المكاشفة تحت النور وفي الهواء الطلق ارقى تطبيق للديمقراطية واجدر بالاحترام والتقدير .
https://telegram.me/buratha