الكاتب ..عمران الواسطي
الحلقة الأولى لقد حفظ لنا تاريخنا الإسلامي الأصيل ( والأصيل فقط ) الكثير من الأحداث التي كان لها الأثر البالغ في توضيح الرؤى والمسارات الحقيقية والصحيحة التي بني عليها الاسلام المحمدي الأصيل . وبجنب تلك الإحداث كانت هناك المرتكزات التي وقفت عليها تلك الأحداث ، واقصد هنا الشخصيات الإسلامية التي ساهمت بشكل كبير في حفظ وإيصال بيضة الاسلام خالية من كل الشوائب والدسائس التي حاول الكثير من أعداء الاسلام طمسها عبر المؤامرات الخبيثة كما فعل ذلك بنو أمية مع أهل البيت ( عليهم السلام ) ، فكان الأئمة ( صلوات الله وسلامه عليهم ) بالمرصاد لكل تلك المغالطات التي ظهرت وبشكل أدق بعد استشهاد الرسول الأكرم ( صلى الله عليه واله وسلم ) من قبل الطلقاء وأبناء الطلقاء . فكان للدور الإلهي والرسالي لأهل البيت ( ع ) بمثابة الشمس التي لا يحجبها السحاب . فكانت مدرسة أهل البيت ( ع ) في قبال مدرسة الحزب الأموي الذي لم يدخل الاسلام رغبة بدليل قول رئيسهم أبو سفيان للعباس بن عبد المطلب عم النبي عندما دخل المسلمون فاتحين الى مكة ( لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيما ) هكذا كانت تنظر الأسرة الأموية للإسلام ، لذلك أول ما سنحت لهم الفرصة بالسيطرة تلقفوا الخلافة كما يتلقف الصبيان الكرة . على العموم البحث طويل وما يهمنا في هذه العجالة هو معرفة دور الأئمة عليهم السلام في هذه المحن ، فإذا كانت الأمم الحية تعتني بحياة عظمائها وكبارها، وتقيم لهم التماثيل، وتشيد لهم النصب التذكارية، تدرس حياتهم للأجيال لأنها ترى في ذلك دعماً لحضارتها ، وتشييداً لدعوتها فجدير بالأمة الإسلامية أن تدرس حياة أئمة أهل البيت عليهم الصلاة والسلام ، وتبحث عن آثارهم، وتنقب عن أخبارهم، لتأخذ من علمهم وعملهم وسيرهم نموذجاً حياً يوصلها إلى الرقي والسعادة، ويحقق لها الخير المنشود، ليعود لواؤها يخفق على العالم من جديد. ونبدأ بالإمام الثاني السبط الحسن بن علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) وحياته ودوره خلال تلك الحقبة من الزمن ، ففي هذه الأيام المباركة تمر علينا ذكرى ولادته الميمونة . فهو ثاني أئمة أهل البيت الطاهر وأول السبطين سيدي شباب أهل الجنة ريحانتي المصطفى وأحد الخمسة أصحاب الكساء . الإمام الحسن بن علي )ع) . ولد في اليوم الخامس عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثالثة للهجرة المصادف لليوم الأول من مارس آذار عام625 ميلادية.أبوه الإمام علي بن أبي طالب (ع) أمه الزهراء ابنة النبي محمد (ص), أخوه الشهيد الإمام الحسين بن علي (ع). و جده النبي الأكرم الرسول الأعظم. و عاش معه حوالي السبع سنين.سماه جده النبي حسنا بعد ان نزل عليه الوحي بتسميته و أمر بختانه يوم السابع لولادته. و تصدق عنه .ألقابه : الطيب و التقي و الزكي و الولي و السبط و المجتبى. كنيته : أبو محمد. و هو مع أخيه الحسين سيد شباب أهل الجنة ، بإجماع المحدثين. أحد أثنين انحصرت بهما سلالة الرسول الكريم. كان احد الأربعة الذي باهل بهم النبي الكريم نصارى نجران. وهو من أصحاب الطهر الذين نزلت بهم الآية الكريمة ( الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا) .و من الذين أمر الله تعالى بمودتهم حيث قال :( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قال فيه النبي الكريم و في أخيه الشهيد الحسين : اللهم إني أحبهما فأحبهما و أحب من أحبهما.وروي عن النبي انه قال :أما الحسن فله هيبتي و سؤددي ، و أما الحسين فله جرأتي و جودي.
ورث الكرم و العلم و الأخلاق الفاضلة من بيت النبوة و الإمامة و التضحية في سبيل الله و الصلابة في الحق و حب الفقراء. عرف عنه التواضع و مشاركته الأكل البسيط مع الفقراء و يدعوهم الى بيته و يقدم لهم الطعام بيديه.و كان الإمام الحسن يفضل ان يكتب له المحتاجون حاجتهم في ورقة فسؤل عن ذلك فأجابهم انه لا يريد للسائلين ان يريقوا ماء وجههم ، ليحفظ كرامتهم.و من كرمه ان جماعة من الأنصار أرادوا بيع بستان لهم فاشتراها ، و بعد مدة أصيبوا بضائقة مالية شديدة فردها لهم بدون مقابل.تعرض للسب من رجل من أهل الشام خدعه المجرم معاوية بن أبي سفيان ، فابتسم الإمام في وجهه و قال له بأسلوب هادئ أظنك غريبا ، فلو أنك سألتنا أعطيناك ولو استرشدتنا أرشدناك و ان كنت جائعا أطعمناك و ان كنت محتاجا أغنيناك أو طريدا آويناك حتى خجل الشامي ، و طلب العفو....كان الحجيج يهابونه و ينزلون عن رواحلهم احتراما له و بسيرون معه على الاقدام ، حتى اضطر ان يجانب الطريق العام المؤدي الى مكة لعدم إحراجهم.من أدعيته :اللهم أقلني عثرتي و آمن روعتي ، و اكفني من بغى علي و انصرني على من ظلمني ، و أرني ثأري منه. و نقل عنه انه قال : علمني جدي رسول الله (ص) كلمات أقولهن في الوتر :اللهم أهدني فيمن هديت و عافني فيمن عافيت و تولني فيمن توليت و بارك لي فيما أعطيت و قني شر ما قضيت فانك تقضي و لا يقضى عليك و انه لا يذل من واليت تباركت ربنا و تعاليت....و من بديع حكمه: إذا أردت عزا بلا عشيرة و جاها بلا سلطان فاخرج من ذل معصية الله الى عز طاعته..اصحب من اذا صحبته زانك و اذا خدمته صانك...المروءة العفاف و إصلاح المرء ماله و الإخاء الوفاء في الشدة و الرخاء و الجبن الجرأة على الصديق....أشترك في كثير من الفتوحات الإسلامية أيام الخلفاء الثلاثة. ساند الصحابي أبا ذر عندما هجره عثمان من المدينة. أشترك في حروب أبيه علي بن أبي طالب (ع). ابتدأت خلافته و إمامته صبيحة اليوم الذي توفي فيه والده في اليوم الحادي و العشرين من شهر رمضان عام 40 هجرية في 27-1- 661 ميلادية.
https://telegram.me/buratha