/ حافظ آل بشارة
الصحفي جندي يقرأ ويكتب ! / حافظ آل بشارةأخيرا اقر مجلس النواب قانون حقوق الصحفيين ، مر هذا التشريع التأريخي مرور الكرام لم يعبأ به أحد ، فلكل منهم شأن يغنيه ، الصحفيون في العراق مثل بقية الناس محتاجون الى الأمن والخدمات والاحترام والدخل الكافي الذي يحفظ كرامتهم والحصانة امام الانتهاكات في بلد تمت عسكرته مرة أخرى بدعوى مواجهة الأرهاب ، تتضمن لائحة القانون الجديد حرية الوصول الى المعلومات ، وعدم اجبار الصحفي على العمل بما يخالف عقيدته ، وحساب خدمته وتخصيص حقوق تقاعدية وغير ذلك من الفقرات الجيدة ، كم سيطبق من هذه البنود وما هي ضمانات التطبيق ، مجلس النواب سن الكثير من القوانين والتشريعات ولكن لم يتغير شيء في الحياة ، فهل المشكلة في بلدنا نقص التشريعات حقا ام نقص اشياء أخرى ؟ التشريعات الجيدة ما ذا تفيد اذا لم تتوفر الدوائر المنفذة ؟ اذا ظلموا الصحفي فانه يضطر الى استخدام قلمه في الدفاع عن نفسه فيسبب قدرا هائلا من الأذى لمن يستهدفه ، هذا الزمن هو زمن الاعلام فهو يسقط حكومات ويدمر احزابا عريقة ويصنع من الاوهام حقائق ، ويميت الأحياء ويحيي الموتى ، لذا يضطر اصحاب القوة والنفوذ الى اسكات الصحفي بقتله ، لكنه عندما يقتل يتحول الى رمز وأسوة ومحفز لمزيد من التمرد ، فهو في حياته فتنة وفي قتله فتنة ، اذا ظلم الصحفي يمكن ان يتحول الى جسر لعبور القوى الاجنبية الى البلد وتهديد استقلاله فاذا شعر بالمظلومية فانه سيستجيب لعروض التمويل الاجنبي فينتج اعلاما ممولا من الخارج لخدمة القوى الطامعة ، يفعل ذلك اعترافا بفضل الاجانب عليه وحقدا وثأرا من بلده الذي يسحقه ويهينه مع ان كل ذلك لا يبرر الخيانة ، في البلدان المتحضرة هناك تبادل ادوار عفوي بين الساسة والاعلاميين ، لأن الساسة يبحثون عن التغطية وتوجيه الخطاب المقنع الى الرأي العام ، والاعلاميون يبحثون عمن يشعرون معهم بوجود منظومة قيم حقيقية ومنجز وطني متواصل ، في البلدان المتخلفة التي يحكمها المستبدون يكون تبادل الادوار قائما بين الساسة والعسكر ولا توجد مهنة اسمها الاعلام الحر في مثل تلك البلدان ، الصحافة مهنة قديمة في العراق منذ الدولة العثمانية ولكن حقوق الصحفي الدستورية هي الشيء الجديد ، وقد تزايد عدد الناس الذين يتفاعلون مع اسم (السلطة الرابعة) ، كما ازداد عدد الساسة الذين يشعرون بالحاجة الى الاعلام ولا يخافون منه ، وازداد عدد العسكريين الذين يعرفون معنى الصحافة ودورها ، في معسكر تدريب التاجي جاء نائب عريف الى رتل الجنود المكلفين الجدد في ساحة العرض وهم وجبة من مواليد الاحتياط ضمت عددا كبيرا من الاعلاميين والمحررين والمراسلين قال : هل فيكم من يقرأ ويكتب ، قال له صاحبه : كلهم صحفيون ، قال : (أدري صحفيين بيهم واحد يقرأ ويكتب حتى يسجل اسماءهم ؟ ) فالعسكر في هذه البلاد لا يعرفون آنذاك ان الصحفي يقرأ ويكتب فكيف يعترفون به سلطة رابعة ؟ هل يساعد القانون الجديد في ذلك ؟
https://telegram.me/buratha