عبد الكريم ابراهيم
الحكومات المنتخبة -عادة- قبل الشروع في ممارسة مهامها ، تضع برنامج عمل واضحا للسير عليه وعلى وفق هذا البرنامج يستطيع الناخب اعطاء صوته لمرشح معين دون غيره ،للقناعة التي وصل اليها هذا المواطن بجدية وكفاءة برنامج هذه القائمة دون غيرها . بعد اداء اليمين الدستوري تسعى الحكومة المكلفة الى تطبيق برامجها حسب العمر الزمني المحدد لها .ولكن الوضع في بلدنا مختلف ،حيث امضت الحكومة ربع عمرها في شد وجذب وتبادل اتهامات بين الكتل السياسية وتأخير اعلان بعض الوزارات لاسيما الامنية منها . بدأت الحكومة بولادة عسيرة ومحاصصة غريبة ما حدا ببعض السياسيين الى التفكير في اعادة هيكلة حالة الترهل التي جاءت بها حكومة الشراكة الوطنية والعمل على ترشيق ما يمكن معالجته ، فيما يبدو انها حالة صحوة شعر بها البعض ،ولاسيما بعد تعالي الاصوات العراقية بضرورة معالجة الوضع القائم من جديد . الترشيق الحكومي الذي يشتد حوله الناقش اليوم سيأخذ وقتا طويلا اشبه بالوقت الذي استغرقه تشكيل الحكومة ،ولعل وراء هذا التأخير انعدام حالة الثقة بين الكتل السياسية والطريقة التي جاءت بها الحكومة الى النور، حيث الغلبة دائما لمبدأ التوازن اوالمحاصصة بكل انواعها ( العرقية، المذهبية ، القومية ) ،هذه الامور جعلت الحكومة تبتعد عن اهم عمل جاءت من اجله الا هو خدمة المواطن العراقي وانتشال الوضع المتردي الذي يعيشه البلد ،في ظل فقدان ابسط مقومات العيش الكريم ،ولاسيما الكهرباء والسكن والامن . كل هذه الامور تحتاج الى حكومة متماسكة قوية، ولابأس من مراعاة مشاركة الجميع فيها على اساس الكفاءة والمهنية .ولكن مع كل الاسف الحكومة منذ تشكليها انشغلت بالتجاذبات السياسية واسلوب ترضية هذا الطرف او تلك الكتلة .والمشكلة هي ان الكل غير راض على ما حصته من الكعكة ،وينادي باعلى صوته بان غبنا ما وقع عليه ،وقد لعب البعض دورين : دور حكوميا، ودورا معارضا في نفس الوقت اي يضع قدم هنا واخرى هناك غير محترف لاصول اللعب السياسية .الترشيق الحكومي الذي صوتت عليه اغلب المكونات السياسية جاء متأخرا بعض الشيء ،لان نفس هذه الكتل هي التي سعت الى ايجاد حالة الترهل هذه وساهمت في زيادة البدانة الحكومية . المهم في الامر انه لابأس من المراجعة السياسية التي تفضي الى عملية اصلاح وتتدارك الامور قبل خروجها عن السيطرة ، لكن المشكلة ان ترشيق الحكومي هو الاخر محل جدل ونقاش لاينتهي، بسبب الوضع القائم الذي اساسه المحاصصة في قيادة البلد ،ابتداءا من اصغر الامور حتى المناصب العليا ، لان مبدأ التوافق والترضية تحتاج الى اعطاء مناصب بديلة للمسؤولين الذين نالهم الترشيق ، ما يعني فقدان قيمة هذا العمل الذي جاء من اجل ضغط النفقات والاشفاق على ميزانية الدولة المسكينة . يبدو ان ترشيق سيكون فقط بتغيير اسماء الوزارات مع محافظة على الامتيازات والمكاسب التي كان يتمتع بها المرشقون . يمكن القول ان ترشيق الحكومي سيطول حاله كبقية القرارات التي تحتاج الى اشهر، ان لم نقل سنة بالتالي الوضع الحالي كأم البيت التي ( التهت بالمكياج وشفط الدهون وتركت الجهال وابوهم بدون أكل)!
https://telegram.me/buratha