حميد الشاكر
ربما لم ينتبه بعد الكثير من كتابنا ومثقفينا ومفكرينا في العراق الى موضوعة ( إرادة معاقبة الشعب العراقي ) للكتابة حولها ومناقشة فحوى : ( من الذي يريد معاقبة الشعب العراقي ) ؟. و ( ولماذا ارادة معاقبة الشعب العراقي ) و ( ماهي الاسباب والدوافع التي تدفع احزاب عراقية داخلية وخارجية ودول وكتل وتيارات وشعوب بالتحرق لمعاقبة الشعب العراقي ) ؟.
وطبعا وبما ان الموضوع واسع الذيل سياسيا وحتى فكريا ، فيكفينا هنا الاشارة كمقدمة لهذا الموضوع بتناول سؤال : مَن الذي يريد معاقبة الشعب العراقي ؟.ولماذا او ماهي الاسباب الحقيقية الكامنة خلف نزعة حب الانتقام من هذا الشعب المظلوم والمسكين واللطيف ؟.
خارجيا واقليميا تتنوع الدوافع التي تقف خلف رغبة الانتقام والعقاب للشعب العراقي مابين دوافع دينية طائفية واخرى سياسية استعمارية وثالثا دوافع تاريخية قدرية ابتلى بها الشعب العراقي رغما عن انفه ليجد نفسه متورطا في معركة هنا ومعركة هناك يثار غبارها باسمه لتسيل انهار من دماء الشعوب المجاورة واخيرا تنتتهي الحرب لكن لاينتهي اوارها مع هذه الدولة والشعب او تلك من دول وشعوب مجاورة للاقليم العراقي ومن ثم ليعلق صليب الثأرفي رقبته الى يوم الناس هذا !!.
واحيانا تكون ارادة العقاب للشعب العراقي اقليميا وخارجيا بعيدة عن التاريخ وقدره ، وانما هي دوافع اقرب للمهزلة البشرية من الحقيقة والواقع ليجد نفسه الشعب العراقي في مهب ريح عاصفة من ارادة العقاب له قتلا وتدميرا وحقدا ونكاية .... الخ به ، لا لشيئ الا لان الشعب العراقي خرج لهذه الدنيا ليجد نفسه على ملة ودين وطائفةمختلفة عن الاخرين ومن ثم تجدان عصابةمجاورة للعراق كالوهابية السعودية مثلا تحترق شوقا ، لرؤية عقاب كل ماهو عراقي الرائحة بسبب الدوافع الطائفية البغيضة من جهة ، وبسبب الدوافع والاسباب السياسية التي جعلت من جيران العراق الاعراب يمتلكون موهبةتحولهم الى قردة في خدمة الصهيونية والاستعمار في العصر الحديث بزرع بذور الشقاق والنفاق بين الامة الواحدة ، ليجدوا من العراق منصة لزرع بذور الفتنة والتقاتل بين جناحي هذه الامة !!.
أما ما يختص بالجانب الداخلي المحلي العراقي من احزاب وتيارات وعصابات وشلل وميلشيات وارهاب .... الخ والتي تكوّن العنصر الاهم والمركب الاصيل لمعادلة (من يريد معاقبة الشعب العراقي ) ففي هذا الجانب ترى العجب والاعجب والغريب والاغرب والمضحك المبكي في الآن واللحظة نفسها !!.
احزاب وتيارات وشلل وعصابات وميلشيات اسمائها عراقية ، ومكوناتها عراقية ودمائها عراقية ولسانها عراقي وعقيدتها عراقية وتاريخها عراقي... لكن لسبب وآخر تحولت هذه العناوين من عراقيتها المحبة ، او التي ينبغي ان تكون محبة لكل ماهو عراقي لحاقدة وطالبة للالم العراقي اذا لم نقل متلذذة بكل ماهو فيه او ينتج ألماً للعراقيين !!!!.
احزاب حكمت العراق تاريخيا كحزب البعث او الحزب الشيوعي بالحديد والنار والظلم والقسوة ليتغنى بادئا بكل ماهو عراقي وتحت اسمه مثلا وعندما يقرر الشعب العراقي الاطاحة بها ليتنسم روح الحريةوالحياة يتحول هذا الحزب الحاكم الى عصابات ارهابية مجرمة لايمكن لها الهدوء والسكينة الا عندما ترى اطفال العراق وهي تحرق بالنار ونساء العراق وهي تغتصب وتقطع بالقنابل والسكاكين وشيب وشباب العراق وهم يربطون كالنعاج لتفجر رؤوسهم برصاصة من فوهة مسدس حزبي عتيق ليُرموا في النهر ومن ثم ليوصلهم النهر الى بيوتهم وهم فحمة سوداء لايفهم من هويتها الا انها كانت في يوم من الايام تحمل ملامح انسان !!.
الغريب ان هذه الاحزاب الارهابية العصابية عندما تقتل العراقيين ليس لها دافع الا معاقبة الشعب العراقي على طلبه للحرية والعدل والانعتاق من ظلم وجور هذه الاحزاب الحاكمةلكن الاغرب ان معاقبة العراقيين وذبحهم في اجندة هذه الاحزاب المقبورة يتم تحت بند اسم العراق والدفاع عن العراقيين انفسهم !!!!.
وهكذا عندما تقرأ خارطة العراق الداخلية اليوم لتستكشف الاحزاب والتيارات والكتل والميلشيات والعصابات....الخ الحاكمة في العراق اليوم الا من رحم ربي فستسقط على غريب واغرب وعجيب واعجب عندما تصل لنتيجة ان معظم هذه الاحزاب الحاكمة والتيارات الناهبة والميلشيات المتسلقة والعصابات المتعلقة والمشاركةفي حكم العراقيين اليوم ومن خلال انتخابهم وارادتهم هم ايضايمتلكون هاجس :(( معاقبة الشعب العراقي )) لسبب او اخر !!.
من الاحزاب والتيارات والكتل الحاكمة او المتحكمة في العراق اليوم من خلال سيطرتها على هذا المفصل او ذاك من مفاصل الدولة العراقية الجديدة بنسب متفاوتة في الحجم ترى ضرورة ان يعاقب هذا الشعب !!.اما لماذا ينبغي ان يعاقب هذا الشعب العراقي المظلوم ؟.وما هي جريرته التي لاتغتفر ؟.فبسبب ان هذا الشعب لم يهبها اي ثقة عندما ذهب للتصويت والانتخاب للبرلمان العراقي الحالي ، ولهذا شعرت هذه الاحزاب بالاهانة من قبل الشعب العراقي وانه شعب ينتخب الطالح ويترك الصالح في اعتقاداتها الحزبية المنقرضة كما حصل مثلا مع الحزب الشيوعي العراقي الذي يتزعم اضخم حملة اعلامية عراقية داخلية وخارجية غير مسبوقة بلعن كل ماهو عراقي وتشويه كل ماهو جديد والتحريض على الانقلاب وتدمير كل ماهو قائم !!.
جانب اخر مضحك ومبكي حقا في معادلة الاحزاب والكتل والتيارات العراقية التي تحكم بالفعل العراق اليوم لكنها مع ذالك تحمل فيروسات ضرورة معاقبة الشعب العراقي المظلوم ومع ان هذه الاحزاب نالت ثقةالشعب العراقي وهو الذي انتخبها وهو الذي اوصلها للبرلمان وكرسي الحكم في العراق الجديد ، وهو الشعب الذي يموت ويذبح بالشوارع لتستمر هذه الاحزاب في حكمها للعراق الجديد وقيادتها لتجربته الحديثة ....الخ ، ولكن مع ذالك كله ترى هذه الاحزاب الحاكمة ضرورة معاقبة الشعب العراقي !!.اما لماذا ينبغي ان يعاقب الشعب العراقي ؟.وباي ذنب ينبغي ان يقتل ؟.فبسبب ان هذه الاحزاب العراقيةالحاكمةكانت تتوقع من الشعب العراقي وصناديق الاقتراع التي زورت امريكيا ، وكمية الرشاوي التي وزعت على زعماء العشائر ..... ان تهبها الاغلبية المطلقة لتحكم بلا منازع ، وان يهبّ الشعب العراقي كله ليعطيها رقم %99 من اصوات هذا الشعب ، ويبقى رقم %1 ليوزع على جميع العراقيين باحزابهم وكتلهم وكل وجودهم !!.ربما تسألني : هل حقا هناك من يفكر بهذا التفكير داخل الاحزاب والكتل الحاكمة في العراق اليوم ؟.اقول لك بصراحة نعم !!.نعم هناك من يلعن الشعب العراقي اليوم ويطالب بمعاقبته لانه لم يكن على قلب حزب واحد ، ليهب الامين العام للحزب الثقة المطلقة ليحكم العراق مستريحا بلا منازع كدكتاتور يحكم بامر نفسه !!.اما اذا اراد الشعب ان يُفهم هذا الحزب او ذاك ان الخطأ والجرم كان في توقعاته الخيالية التي ذهبت بعيدا في التوقعات والخيالات الحالمة بامكانية وجود شعب على خميرة واحدة ، وليس بارادة الشعب العراقي الطبيعية التي تختلف توجهاتها ومصالحها ليختلف طبيعيا انتخابها لجهات الحكم والسلطنة ، عندئذ يُتهم الشعب العراقي انه شعب خان امانته وخان المسدسات والرشاوى التي وزعت عليه مجانا ليكون هو الاول في معادلة السياسة العراقية الجديدة ولكن المفاجأة كانت العكس !!.
الغريب ان هذه الاحزاب طبعا لاتستطيع ان تبوح بكمية الرغبة في معاقبة الشعب العراقي الكامنة داخلها ، لكن الاغرب ان اسلوب معاقبة الشعب العراقي من قبل هذه الاحزاب الحاكمة في العراق كان حقا عقابا شيطانيا يتذوقه الشعب العراقي اليوم وفي كل لحظة في انقطاع الكهرباء عنه وانعدام الخدمات لديه ونقص المياه الصالحة للشرب لعياله والنهب والسلب والفوضى المنتشرة والضاربة لاطنابها على كل حياته !!!.نعم اخي العراقي المسكين اصارحك القول ان عقابك اصبح هواليوم قدرك المحيط بك من كل جانب ، من كل جانب .... من كل جانب !!.اعدائك لديهم الرغبة في معاقبتك وهذا ليس بعجيب !!.ولكن الاعجب ان يكون اهلك وحكامك قبل اعدائك والناقمين عليك ومن انتخبتهم بارادتك قبل من لم تنتخبهم هم ايضا اصحاب الحصة الاكبر في رغبة معاقبتك في امنك ورزقك ورغيف عيشك وتموين اطفالك وراحتك وخدماتك ، فمن لم تنتخبه ناقم لعدم انتخابك اياه ، ومن انتخبته واوصلته للحكم ناقم عليك ايضا بلماذا انتخبت غيره كما انتخبته بالسوية فهل رايت معادلة كهذه المعادلة في ارادة العقاب لك وعلى اي وجه !!.
alshakerr@yahoo.com
http://7araa.blogspot.com/ مدونتي
https://telegram.me/buratha