عادل الجبوري
اذا كانت الصلاحيات والادوار في الدول والمجتمعات المحكومة بأنظمة ديكتاتورية استبدادية محصورة في ايدي عدد قليل من الاشخاص يستمدون قوتهم من الحاكم الاعلى، وفي ظل غياب كامل-او شبه كامل-للمنهجيات والسياسات والسياقات الواضحة والمشخصة والمستندة على متطلبات واحتياجات افراد المجمتع، فأن الامر يختلف تماما في الدول والمجتمعات ذات الانظمة الديمقراطية التي تقوم على مبدأ التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع واستنادا الى الدستور الذي يحدد كل المسارات والاتجاهات، ويرسم الحدود والضوابط والقيود.ولعلنا نجد الكثير من الانظمة الديكتاتورية تدعي بأستمرار انها ديمقراطية حتى النخاع وترفع ليل نهار الشعارات الرنانة الطنانة وتتغنى بها عبر كل المنابر، لكن مثل تلك المدعيات لايمكنها الصمود امام حقائق الواقع ومعطياته.الدساتير في الانظمة الديمقراطية، ومن بينها الدستور العراقي حددت ووزعت الصلاحيات والمهام والادوار بين السلطات الثلاث-التنفيذية والتشريعية والقضائية-بحث ضمنت استقلالية كل واحدة منها، في ذات الوقت بلورت حالة تكاملية بينها من حيث الصلاحيات والمهام والادوار، لتجنب التداخل والتقاطع فيما بينها مما قد يؤثر سلبا على سلامة البناء الديمقراطي للدولة.وبما النظام السياسي العراقي هو نظام اتحادي، فأنه حدد مقدار من الصلاحيات والمهام والادوار للاقاليم الفيدرالية التي تتشكل وفق الدستور، وكذلك المحافظات غير المنتظمة بأقليم.والحكومات المحلية التي اوجدت من خلال الية الانتخابات الحرة في المحافظات اريد لها ان تضطلع بوظائف فعلية وحقيقية وليست شكلية، وتعالج وتتلافى كل الاثار والتبعات السلبية التي خلفتها السياسات المركزية المقيتة التي سادت طيلة عقود من الزمن، بحيث جعلت المحافظات تخضع بالكامل لسطوة ونفوذ ومزاجيات الحكومات والسلطات في المركز، مما تسبب في شيوع الفقر والتخلف والحرمان والتهميش والاقصاء رغم الثروات والموارد والامكانيات التي تتوفر في مختلف محافظات العراق، لاسيما محافظات الجنوب والفرات الاوسط، كالنفط والمياه والثروات الحيوانية والسياحة بشقيها الطبيعي والديني.ان استمرار ذات النهج من قبل المركز في التعاطي مع المحافظات والتعمد بتجاوز وتجاهل الحكومات المحلية ومجالس المحافظات من شأنه ان يخلف نتائج خطيرة للغاية، ويفاقم المشاكل والازمات، بدلا من حلها ومعالجتها.السعي الى تكبيل السلطات المحلية ونزع صلاحياتها ووظائفها وادوارها المقرة في الدستور يمثل سيرا في الاتجاه الخاطيء.
https://telegram.me/buratha