حافظ آل بشارة
بانتظار القراءة الثانية لقانون العفو العام في مجلس النواب لاقراره ، ينظر الشارع بتشاؤم بالغ الى هذا القانون ، تشاجرت نائبتان حول فقراته وحصلت كل واحدة منهما على دعم من رجال كتلتها ، وعندما ينشب الخلاف بين كتلة الاحرار ودولة القانون تحت قبة البرلمان وهما عضوان في التحالف الوطني فهي مشكلة جديدة اكبر من مشكلة قانون العفو وتفاصيله وتثير اسئلة حول مستقبل هذا التحالف ومقومات استمراره ، اثناء القراءة الاولى لمشروع القانون رفعت الجلسة لساعة بسبب ذلك الخلاف ثم أعقبها التصويت اجمالا على القانون ، وسيبقى الشيطان ينتظر وهو كامن في التفاصيل ، اللجنة القانونية النيابية ستعيد دراسة القانون . الا ان الشارع لا يعبأ بهذه التفاصيل ، وتجربة الشعب العراقي مع القضاء الجديد وسلطاته المؤجلة والسجون ووقائع هروب المحكومين منها والعفو العام ونتائجه تجربة تحمل ذكريات غير سارة وقد اسفرت عن اهتزاز الثقة بالقضاء واستقلاله وبالقوات المسلحة ومصداقيتها وادارات السجون ونزاهتها ، فقدان الثقة بهذه المؤسسات يؤدي الى الاطاحة بهيبة النظام والشعور بالاحباط وعدم تعويل الناس على الدولة في استرداد الحقوق ، فبدل من معاقبة المجرمين وتعويض ضحاياهم تسهل الدولة اخراجهم من السجون ، هذا يعني اعطاء الضوء الاخضر لكل صاحب ثأر كي يعتمد على نفسه للاخذ بثأره من القاتل الذي افلت من العقوبة ، واعطاء الضوء الأخضر للخارجين من السجن للانتقام ممن ابلغوا عنهم ومن اعتقلوهم ، يمكن تلخيص مطالب الناس من البرلمان وهو يشرع هذا القانون بالنقاط الآتية : 1- يجب ان لايسمح العفو العام الجديد باطلاق سراح من ارتكبوا جرائم او لديهم مشاريع ارهابية مستقبلية فيعودون الى الشارع ليمارسوا الجريمة المنظمة مرة أخرى خاصة وان تحقيقات الشرطة تشير الى ان كثيرا من الارهابيين المعتقلين حاليا هم ممن كانوا سجناء وتم الافراج عنهم بقرارات عفو رسمي ! 2- يجب استثمار العفو العام واي أجراء قضائي لمعالجة ظاهرة المخبر السري ، كان وجود المخبر السري في اجهزة الامن والمخابرات ضروريا وقانونيا ولعمله علاقة وثيقة بالأمن والمعلومات ، لكنه كغيره من مفردات الحياة في العراق وصله الفساد ولم يعد المخبر السري يحظى بتلك الاهمية والثقة بل اصبح يرمز الى الدعاوى الكيدية والمعلومات المزيفة وتضليل الاجهزة الامنية ، وتصفية الحسابات السياسية والعشائرية والانتقام ، لذا يجب ان ينظر العفو الى هذا العنصر باهتمام من جانب المتورطين ومن جانب ضحاياهم . 3- يجب حفظ هذا القانون الخطير من محاولات التسييس الذي يحوله الى مفردة من مفردات التفاوض او الضغط والابتزاز بين الاطراف المتنازعة فيكون وسيلة لابرام الصفقات فيفقد الجدية والعدالة ويبتعد عن الهدف الذي شرع لأجله . يفترض ان يأتي هذا القانون في ركاب القوانين التي تعزز مكافحة الارهاب وليس تقويته وانعاشه .
https://telegram.me/buratha