حافظ آل بشارة
ذابح في نهار رمضاني قائض ، في بلد لا يصلح للعيش ، تناثرت اشلاء الضحايا وامتلأت المستشفيات القذرة بصراخ الجرحى ، وأمطرت الآفاق المغبرة الملتهبة دما ، في سلسلة تفجيرات متزامنة لا يعرف أحد من ينفذها ولماذا يقتلون الناس بهذه العشوائية ؟ يبدو ان مأمورية الارهاب متواصلة في العراق وكلما تصور الناس انه انتهى تجددت المذبحة ، وكلما تضائل ذكره في وسائل الاعلام جدد حضوره بمذبحة كبيرة ليكسب رضا الممول ويغذي رعب الضحايا ، هناك من يفسر هذه الاحداث بانها وسيلة يستخدمها بعض الطائفيين القدامى للقول بأن الشيعة فشلوا في ادارة الحكم في العراق لانهم فئة اعتادت على التهميش والاضطهاد ، والحل هو اعادة السلطة الى رموز النظام السابق ومحيطه الطائفي صاحب الخبرة العريقة في ادارة الدولة ، هذه المذابح يمكن استخدامها ايضا في النقاش لاثبات ان القوات العراقية عاجزة عن ادارة الملف الأمني في العرق وهي مازالت بحاجة الى بقاء القوات الأمريكية في البلد باتفاقية جديدة ، ولكن المذبحة الاخيرة جاءت في توقيت لافت متزامنة مع التشنجات السياسية التي افرز مواجهة حقيقية بين كتلتين تراكمت خلافاتها واحقادها واحتقانها ضمن محاور صراع متفاعلة كعقود وزارة الكهرباء الوهمية ، مشكلة ترشيح الوزراء الأمنيين ، مشكلة الترشيق الوزاري وتفاصيله المعقدة ، قانون العفو العام وما فيه من صفقات ، ملف مفوضية الانتخابات ومستقبلها ، وقضايا أخرى تشكل خنادق صراع مفتوح ، كل طرف يريد تركيع خصمه وتحقيق مكتسبات ، وعندما يستعصي الحسم في الاجتماعات يتم استخدام المفخخات ، فيلجأ الطرف الذي يمتلك شبكات الارهاب الى استخدام العنف العشوائي لتركيع الطرف الآخر ، واجباره على تقديم تنازلات جديدة ، يناضل حتى آخر قطرة دم في جسد بقال او حمال او شرطي يقتل عشوائيا ، لكن هذا لا يمنع من استخدام العنف العشوائي للرد على ربط الوزارات الأمنية برئيس الوزراء مباشرة واستمرار الفراغ الوزاري فيها فهو هجوم عليه شخصيا وتحد لادارته وقراره وتحد لرؤيته ، لذا فبعض اصحاب التصريحات عندما يعلقون على العمليات الارهابية الاخيرة يوجهون اللوم والتقريع الى الحكومة والاجهزة الأمنية ولا يذكرون المجرمين المسؤولين عن هذه المذابح ولا يوجهون لهم اي ادانة تصريحا او تلميحا ، من المتوقع ان العمليات الارهابية ستستمر لوقت طويل ما دامت بعض اطراف العملية السياسية قد نجحت في استخدام العنف لتحسين امتيازاتها السياسية وتحقيق مكاسب جديدة ، وما دامت بعض الاطراف تمتلك علاقات شراكة سرية مع المنظمات الارهابية المحترفة ، لا ينجو العراق من الارهاب الا بتشكيل قوات مسلحة فوق الميول والاتجاهات ، وهو حلم بعيد المنال لان تشكيل قوات مسلحة مستقلة يلزمه وجود حكومة قوية موحدة تمتلك القوى المشاركة فيها مشتركات كبرى اوسع من نقاط الخلاف .
https://telegram.me/buratha