مزهر سلمان الخلف
جرت العادة! عند تعيين وزير ما؛ أن يكون أول اهتمامه هو تعيين وتأمين الحماية البشرية! ثم اختيار السيارة والسيارات الخاصة خلفه وأمامه!! وذات مواصفات خاصة من الدروع المضادة للرصاص والعبوات الناسفة! ثم اختيار المكان, المكتب وما يتطلبه من الأثاث الذي يتوافق مع ذوقه واختياره للأشكال والألوان! وقد يغير كل أثاث الوزير السابق! ويوزع تلك الأثاث على الحماية والرعية الباقين!!... ثم يفصل له عدة بدلات كل منها تناسب مظهر أو ظهور معين! تلك هي أولى اهتمامات وزرائنا الذين يفتقرون إلى أساسيات الوظيفة الموكلة لهم لخدمة الوطن والشعب!! وقلة الخبرة وضعف الشهادة مقابل قوة الانتماء لهذا الحزب أو تلك الطائفة!! ومن ثم تبدأ عملية التفكير بكيفية معرفة الطرق والسبل للكسب والنهب في هذه الفرصة "الذهبية"! التي ربما لا ولن تتكرر!؟
ومن أخطر الإجراءات التي يتخذها الوزير الجديد أو المسؤول الكبير هي اختياره لمجموعة من الحماية تكون في الغالب من المعارف والأقارب لغرض الاطمئنان إليهم من الغدر والتآمر والاندساس ومعرفتهم ومعرفة عائلاتهم! التي هي بالتالي من عشيرة أو عائلة أو قبيلة الوزير المعين؛ ويتم اختيارهم وفق مواصفات خاصة بالطول والعرض!! والشراسة وقوة العضلات والانتفاخ والانتفاش بحيث يكون مظهرهم مخيف.. يا لطيف... بعد أن يدخلوا في دورات خاصة بالجودو والكراتيه والملاكمة واستعمال السلاح الخفيف اللطيف!
وهذه المجموعة لحراسة الوزير "النشمي" توزع عليهم الواجبات المختلفة ومنهم الحماية الخاصة بحفظ حياة الوزير حتى من الذين يقدمون له عرائض الشكوى في طريقه إلى الوزارة!! لينالوا منهم كل أنواع الإهانة والضرب بحجة حماية السيد الوزير! وهؤلاء "الحماية" تكون لهم امتيازات خاصة وباجات خاصة تتيح لهم التحرك والتصرف بلا حساب ولا مراقبة! وريما يستغل مكانهم في تسهيل عمل الإرهابيين وتزويدهم بمعلومات مهمة وخطيرة من خلال علاقاتهم بالآخرين وفي جلسات خاصة وقد يشارك بعضهم في عمليات إرهابية لقاء أجور مغرية أو تسهيل نشاط الإرهابيين والعصابات الإجرامية الأخرى. وقد يكون هؤلاء جزء من المجاميع الإجرامية والإرهابية في حال إحالة "سيدهم" على التقاعد جزاء له على إهماله وفساده كما يجري هذه الأيام مع الكثير من الوزراء والمسؤولين الآخرين.
وعند انتفاء الحاجة من هذا الوزير أو ذاك بعد أن يستلم الوزارة ويخفق في إدارتها .. ولأسباب أهمها الجهل والفساد يحال على التقاعد ويستلم بضعة ملايين بدل التقاعد لخدمة قد لا تكون أكثر من سنة أو بضعة أشهر ليتمتع بالراتب التقاعدي مدى الحياة وهو لم يعمل سوى فترة قصيرة من الفشل والإخفاق والإضرار بمصالح المواطنين في هذا المجال أو ذاك.
ولا نعلم سبباً لهذا العدد الكبير من الحماية للوزراء والمسؤولين الكبار! علما بأن عمليات الاستهداف المباغتة لا تعطي فرصة للحماية من الدفاع عن الضحية إن لم يكونوا يختفوا هنا وهناك ساعة الحاجة إليهم!!؟ ثم لماذا هذا الخوف والحماية والسيارات المصفحة والمظللة!! إننا في معركة مفتوحة ومستمرة؛ والمجرمون قلة مغامرة مغفلة, وموظفو الدولة ووزرائها كثيرون ومتمركزون وأقوياء؛ فإذا مات واحد منهم سوف يموت عشرة من المجرمين والنصر في النهاية للدولة والسلطة والحكومة؛ فلماذا لا يفكر هؤلاء الوزراء والمسؤولين الكبار بأنهم في ساحة معركة وعليهم مواجهة الأعداء بشجاعة وصرامة وقوة حتى يرهبونهم ويلقوا في قلوبهم الخوف واليأس ولا يبدو أمامهم بأنهم ضعفاء جبناء تحيط بهم مجموعة لا تقل جبناً عنهم في ساعة الجد!! يموت واحد يأتي بعده عشرة لحمل راية الكفاح والجهاد وتستمر الحياة الحرة الكريمة إذا شئتم!!
وهنا تبرز خطورة "عصابة" الوزير من الحماية التي تحال هي الأخرى على "التقاعد" بعد منحهم الإكرامية!! ليصبح هؤلاء بلا شغلة ولا مشغلة ولكنهم يتمتعون بإمكانيات خطيرة وقد تتلقفهم مجاميع إجرامية أو إرهابية لينخرطوا في صفوفها مرغمين أو راغبين لأنهم لا يستطيعون أن يعيشوا حياة سليمة هادئة بعد أن تطبعت نفوسهم على القسوة والعنجهية والتعالي خلال عملهم في حماية هذا الوزير أو ذاك ويصبحوا خطرا في المجتمع والمحيط الذي يعيشون فيه.
وهكذا الحال مع كل الوزراء والمسؤولين الكبار وما علينا إلا أن نعرف كم هو عدد هؤلاء الحماية في البلد! وكم هي المشاكل التي تنشأ بين هؤلاء ومواقف التصادم مع حمايات أخرى وكثيرا ما حدثت مصادمات بين هؤلاء المتعفرتين وآخرها ما حدث في وزارة الصحة وما تناقلته الأخبار من أن حماية الوزارة نفسها قد تصادمت مع حماية الوزير نفسه!! وكادت أن تكون جريمة دامية, فماذا يعني هذا الحال المخيف؟ يعني أننا نعيش حالة خطيرة في بلد تعم فيه الفوضى والتشتت وأن الدولة فيها حكومات متعددة؛ ففي كل وزارة حكومة وعصابة من الحماية والحرس لا يتفاهمون مع الآخرين ويخضعون إلى تعليمات وتوجيهات الوزير! نفسه ولا علاقة لهم بالدولة!
هذا الحال أصبح معروفا وشائعاً وليس سراً يشاع أو دعاية مغرضة! هذا واقع ملموس ومؤلم... وسببه عدم المركزية والضبط والربط؛ فالمفروض أن هناك جهاز مركزي للتعيين وخاصة تعيين الحماية والحراسة للوزراء أو الوزارات نفسها يخضع هؤلاء لسلطة وسيطرة وزارة الداخلية أو الدفاع ولا يسمح لأي وزير أن يعين حسب رغبته وانطلاقا من "خوفه"! أي فرد من أفراد الحماية؛ بل تكون الحماية من مهام السلطة التنفيذية المطلقة وهي التي تتكفل حماية المسؤولين من وزراء إلى أصغر موظف في الدولة وكذلك حماية كل المواطنين هي من مسؤولية الدولة ووزارة الداخلية وشرطتها وأمنها ومخابراتها. ويكون رجال الحماية والحراسة مسؤولين مسؤولية مباشرة عن هذا الوزير وذاك المسؤول دون أن يكون شرط القرابة والمعرفة ذو تأثير على تعيين رجال الحماية... ومن المهم الالتفات إلى الحمايات الموجودة حالياً وإحصائها ومعرفة هوياتها وأماكن سكنها ودرجة قرابتها للمسؤول أو الوزير ونبذة عن تأريخها وعلاقاتها بالأحزاب والتنظيمات الأخرى, أو إخضاعها ونقل تبعيتها إلى وزارة الداخلية ويعينون كموظفين في دوائرها وهي التي تنسبهم مع هذا الوزير أو مع ذاك المسؤول ولا تبقى القضية "هدد"! لتهدد أمن المواطن والبلد في وقت من الأوقات... والسلام عليكم.
نسخة منه إلى:السيد وزير الداخلية المحترمالسيد قاسم عطا المحترموإلى مَنْ يهمه الأمر
https://telegram.me/buratha