المقالات

صهيل الحرب الدرامية

684 14:50:00 2011-08-20

حافظ آل بشارة

يشهد شهر رمضان الجاري منجزا ثقافيا فريدا يتمثل بانتقال التدافع المذهبي من ميدان الاقتتال الى شاشات القنوات الفضائية لتضفي على النقاش مسحة مذهبية وليست طائفية ، هناك عروض درامية متقابلة ونقاشات استدلالية عبر ندوات مباشرة ، فبعض القنوات تواصل عرض المسلسل الممنوع (الحسن والحسين ومعاوية) فيما تعرض قناة (آي فلم) المختصة بالدراما الايرانية مسلسل (المختار الثقفي) ، وسبق للدراما الايرانية ان انتجت افلاما ومسلسلات تعيد رواية التأريخ الاسلامي من وجهة نظر معتدلة متفق عليها بين اغلب فرق المسلمين بطريقة مقنعة ، نجحت تلك الاعمال في تصحيح حقائق التاريخ التي جرى تزويرها ، وبدت وكأنها تؤرخ لتطور المفاهيم العقائدية وتأثرها بالحكومات ، وقد لقيت تلك الاعمال استحسانا في العالم العربي والاسلامي واثارت تساؤلات حول بعض الافكار التي روجتها الفرق المتعصبة وتعاملت معها تعامل المسلمات ، نجاح تلك الدراما اثار مخاوف وعاظ السلاطين وعلماء البلاط في العالم العربي . يعد عرض (مسلسل الحسن والحسين ومعاوية) محاولة للرد ، فهو يستند الى رؤية العالم الاموي المعروف ابن تيمية في تفسيره لتأريخ المسلمين وعقائدهم ، وهو حنبلي من اعلام القرن السابع عاش في دمشق و عاصر المغول واثار منهجه غضب معاصريه من كبار علماء المذاهب السنية الاربعة امثال : ابن حجر الهيتمي ، تقي الدين السبكي، وتاج الدين السبكي، وابن جماعة، وغيرهم من الشافعية والمالكية والحنفية ، حاول المسلسل تبرئة السلاطين الذين اتخذوا الدين غطاء من جريمة تقتيل وتشريد اهل بيت النبي (ص) في تزوير ساذج لمسلمات التأريخ التي يعرفها الجميع ، ما يقدمه المسلسل يرقى الى مستوى الاهانة المتعمدة لمقدسات المسلمين وعقائدهم ووعيهم التأريخي ، ولحسن الحظ فانه جاء باخراج مفكك وسيناريو استعراضي سطحي وفقر في الاخراج ، ولا يمكنه النيل مما تحققه الدراما الايرانية في طرحها التأريخي حيث يخدمها التفوق الفني والتقني في السيناريو والاخراج والاداء الرفيع والبناء الدرامي المتقن اضافة الى الفكرة الرصينة المتفقة مع اشهر مصادر المسلمين وتحظى باجماعهم ، انه فشل للطائفية الثقافية على مستوى الدراما كوسيلة اقناع وتثقيف ، فيما شهدت قنوات أخرى ندوات للمناظرة الهادئة كقناة الكوثر التي تنقل نقاشات المحقق السيد كمال الحيدري وهو يثبت عقائد الشيعة من مصادر مخالفيهم الخاصة بالتفسير والحديث والسيرة والتاريخ ويلقى ارتياحا واسعا في العالم الاسلامي وقد بذلت جهود للرد عليه في قنوات أخرى مثل المستقلة وصفا ولكن تلك الردود كانت متشنجة وعدوانية ولا تعتمد التحقيق الرصين ، الأزمة الحالية تتلخص بكلمة وهي ان المتصدين لتزوير التأريخ بلغوا مرحلة العجز الكامل عن مجاراة النقاش عبر الندوات او عبر الحرب الدرامية ، المهم في هذه المعركة انها سلمية حضارية باردة وعلى الشاشة فقط .

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك