الحاج طارق السعدي
قوى الشر في كل الأزمنة موجودة،وعلى الطرف الثاني تقف قوى الخير ورجالها،فهما نقيضان لا يلتقيان أبدا، وتواطأت في ذلك الزمان قوى الشر والأشرار على ان لأتبقى راية الحق تخفق أو يدا تطول فتصلح أو صوتا يصدح ويدوي ليكشف زيفها وفساد الظالمين والمنحرفين،واجتمعت ضلالتهم على ان يطفئوا نور الهدى ليبقى الظلام يلف انحرافهم وفسادهم،فامتدت يد الشيطان لتصافح ابن ملجم في عتمة الليل،وفي ختله وغدره هوت بالسيف على هامة طالما استدبرت الدنيا واستقبلت بيت الله وهي ساجدة،وغادرتها منها وفي تلك الحال ..لقد اجتمعت عصابة ضالة على قتل أمير المؤمنين (ع) ولا يبعد ان يكون المحرك لها هو معاوية بن أبي سفيان،واتفقوا ان يدهموا الأمام على (ع)عند ذهابه لصلاة الفجر،فما كان احد يجرؤ على مواجهته وجها لوجه أو في ساحة الوغى ،حتى عد الهرب من المعركة عار ألا الهرب من سيف علي(ع) فانه فخر،ولما كانت ليلة التاسع عشر من شهر رمضان؛ كان الأمام(ع) يكثر من التأمل في السماء وهو يردد(ما كذبت ولا كذبت أنها الليلة التي وعدت بها) وأمضى ليلته بالدعاء والمناجاة ،ثم خرج الى بيت الله لصلاة الصبح فجعل يوقظ الناس على عادته الى عبادة الله فينادي:الصلاة ..الصلاة.ثم شرع (ع)في صلاته ،وبينما هو يناجي ربه ومنشغل بالعبادة إذا هوى أليه اللعين بن ملجم بسيفه على راس العلم وعديل القران وهو يصلي في محراب الرحمان،وهو يصرخ بشعار الخوارج(الحكم لله لا لك)فوقعت ضربته على هامته الشريفة وأمير المؤمنين ينادي(فزت ورب الكعبة) وما أشبه شعارات الأمس بما جاء بها المارقين اليوم،فما حدث في السنوات الماضية القريبة نسخة طبق الأصل لما حدث في ذلك الوقت،فيذبح الصبي وينادي قاتليه(الله اكبر)وتهتك أعراض المسلمات وينادون أنهن سبايا الروافض...وعندما علت الضجة في المسجد؛اقبل الناس مسرعين فوجدوا الأمام(ع) طريحا في محرابه مضرجا بدمه،فحمله الناس مسرعين الى داره وهو معصب الرأس وهم يضجون بالبكاء والعويل،وامسك بالمجرم ابن ملجم ،و أوصى الأمام(ع) ولده الحسن وبنيه وأهل بيته ان يحسنوا الى أسيرهم،ولم يمهل الجرح العميق أمير المؤمنين طويلا لشدته وعظيم وقعته،فقد دنى الأجل المحتوم ،وكان اخرم ما انطق به قولة تعالى(لمثل هذا فليعمل العاملون)ثم فاضت روحه الطاهرة الى جنة المأوى لتعانق معشوقها الأبدي ورسوله الكريم(ص).ومناديا ينادي بين السماء والأرض (تهدمت والله أركان الهدى،قتل اتقى الأتقياء ،قتله أشقى الأشقياء)...أما نحن فما عسانا ان نستخرج من كنوز علمك في يوم شهادتك غير الجزع والحزن والعاطفة الجياشة ،وكل محطات حياتك علم ومعرفة ودروس وعبر والى يوم يبعثون..
https://telegram.me/buratha