حافظ آل بشارة
بمناسبة سقوط القذافي في ليبيا ، هناك تشابه بينه وبين نظام صدام ، تشابه في الامبراطور المريض نفسيا الذي يحكم بلده بعصابة من ابناءه واقرباءه وعشيرته ، تشابه في اسلوب الحكم القمعي الشمولي ، تشابه في التدخل الاجنبي بطلب من الشعب والمعارضة لانقاذ البلد ، تشابه في الحملة الاعلامية الحكومية التي تصور الشعب كخونة وجرذان وسكارى ، تشابه في بعض الوجوه واللحى والشعارات لمتطرفين يتربصون لفرض امارة طالبانية تؤجج الفتن . هذا التشابه قائم بين البلدين الشقيقين حكومة وشعبا وظروفا ، ويمكن ان يمتد التشابه الى سورية واليمن والجزائر والسودان وبشكل اكثر تعقيدا في دول الخليج الست ، نعم فهي أمة عربية واحدة ، ولأن العراق سبق اخوانه العرب في طي صفحة الاستبداد فبأمكانه ان يقدم النصائح الآتية للشعب الليبي : أن لايستغلوا الفراغ الأمني ويشنوا عمليات حواسم يسرقون بها المال العام ويدمرون دوائر الدولة ويهدمون المعسكرات وينهبونها طابوقة طابوقة ، ان لا يسمحوا للمحكومين الهاربين من السجون بالهيمنة على الشارع وتنفيذ عمليات سلب ونهب وقتل عشوائي في المدن الآمنة ، ان لا يعملوا بقانون عفا الله عما سلف المختلق ويعيدوا تسليم البلد الى ازلام وجلادي القذافي مجددا بحجة المهنية والتجربة ، بل الاجتثاث الكامل بدقة فالمجرم يساق الى القضاء والبريء الى التقاعد ، وان قبضوا على القذافي واركان نظامه فالافضل محاكمتهم علنا بمحكمة ليبية دستورية ذات شرعية بشرط ان تنفذ احكامها فورا ، ثم اعادة الاعتبار الى ضحايا نظام القذافي وتعويضهم ماديا ومعنويا ، والاهتمام الاستثنائي بالمعارضين القدامى وجعلهم على رؤوس المؤسسات الحيوية في البلاد باعتبارهم الاكثر نزاهة وخبرة وحرصا ، وعدم السماح لحملة افكار الكتاب الاخضر ليعيدوا تنظيم انفسهم في احزاب مزيفة لاعادة النظام الى السلطة وافشال التجربة الديمقراطية ، ويجب ان لا تبدأ ليبيا فورا بتشكيل نظام ديمقراطي ارتجالي مبني على انتخابات شكلية مستعجلة ومحاصصة طائفية او قبلية فتقع في الفساد والفوضى والانسداد والتخبط الذي قد يقودها الى التقسيم ، بل عليها اولا تعيين رئيس انتقالي ذي صلاحيات استثنائية يخضع لمجلس تأسيسي يقوم بكتابة الدستور ووضع اسس الفصل بين السلطات على مهل حتى لو استغرق الامر عدة سنوات ثم تجري انتخابات عامة ، ويجب منع تأسيس احزاب على اسس طائفية او عرقية بل اسس مطلبية حقوقية وملاحقة كل من يتحدث بلغة طائفية او عرقية قضائيا ، ومعاقبة كل من يقيم علاقات غير رسمية مع دول اجنبية بالاعدام بجرم الخيانة ، وادارة النفط تنقيبا واستخراجا وتصديرا عن طريق هيئة وطنية عليا ، والعمل بشريعة قطع يد السارق وتطبيقها على المسؤولين الفاسدين على ان تجري احتفالات القطع في تجمعات شعبية . هذه نصائح للثوار في ليبيا ان ارادوا ان تعيش بلادهم حياة سعيدة وان ارادوا ان لا يأتي ذلك اليوم الذي يترحمون فيه على القذافي وعصابته .
https://telegram.me/buratha