عادل الجبوري
مهما كانت السلبيات والاخطاء ومكامن الضعف والخلل والنقص والقصور في التجربة الديمقراطية العراقية الجديدة التي لم تتجاوز بعد عقدها الاول، فأن هناك بلا شك جوانب ايجابية ومشرقة وتبعث على التفاؤل، ويمكن ان تكون اساسا وحافزا لمواجهة المصاعب والاخطار والتحديات والتغلب عليها، ومواصلة مسيرة التقدم نحو الامام.ومثلما يقولون ينبغي (النظر الى نصف الكوب المملتيء وليس الى نصف الفارغ فقط).رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي السيد عمار الحكيم تحدث بهذا المعنى في لقائه يوم الاثنين الماضي بعدد من الصحافيين والكتاب والفنانين والاكاديميين الاتراك ومن جنسيات اجنبية اخرى، اذ دعا في معرضه حديثه امام زائريه الى "الى التركيز على الجوانب الايجابية في الواقع العراقي، منتقدا تركيز وسائل الاعلام على نقل صور الصراع السياسي والتفجيرات الارهابية بأعتبار انها الصورة الوحيدة في العراق، تاركة الصورة الاهم المتمثلة بالحياة والعمل والتطور والتي تسير رغم كل الصعاب".صحيح ان العراق شهد بعد الاطاحة بنظام البعث الصدامي في ربيع عام 2003-ومازال يشهد حتى الان-ظروف واوضاع صعبة ومعقدة الى حد كبير في الجوانب السياسية والامنية والحياتية، لكن تلك الظروف والاوضاع الصعبة والمعقدة لاتمثل الصورة الكلية للواقع، بل انها جزء من ذلك الواقع، فالانجازات التي تحققت خلال الاعوام الثمانية المنصرمة على الاصعدة السياسية والحياتية والثقافية والاقتصادية في العراق تستحق التوقف والاهتمام وتستدعي قراءات وتقييمات موضوعية، مأخوذا بنظر الاعتبار حجم وطبيعة المخاطر والتحديات التي واجهها العراقيون، وقسم غير قليل منها يعد من مخلفات واستحقاقات الحقبة المظلمة السوداء التي امتدت لثلاثة عقود ونصف حفلت بالكثير من الكوارث والماسي والويلات التي قلما تعرض لها بلد من بلدان العالم في العصر الحديث.وتبدو رؤية السيد الحكيم تمتاز بقدر كبير من الواقعية على ضوء المعطيات القائمة على الارض والمرتسمة في الافق. فالعراق سيتحول الى قوة اقليمية لما يمتلكه من ثروات وامكانيات اذا ماعالج مشاكله الداخلية، وانه قطع اشواطا في مجال التنمية واخذ يطور منشآته النفطية والصناعية والزراعية وسيستعيد دوره التاريخي في فترة قصيرة، اذ انه يعتبر اليوم نموذجا في الديمقراطية وقدوة يقتدى به لاشقائه العرب، والاحرى بألاشقاء العرب ان يستفيدوا من تجربة العراق في كتابة الدستور والنظم الانتخابية على خلاف ماكان ينظر اليه على انه غارق في المشاكل والحل كان في الدكتاتوريات التي حكمته طيلة عقود من الزمن. للاسف فأن النهج التضليلي الذي اتبعته الكثير من وسائل الاعلام العربي والاجنبية في تعاطيها مع الشأن العراقي رسم صورا سودواية قاتمة، غابت عنها تماما المنجزات والمكاسب والايجابيات، وهذا ما يتحتم معالجته واعادة النظر فيه، لاسيما وان رياح التغيير الديمقراطي التي انطلقت من العراق قبل سنين وصلت بلدان عربية اخرى.
https://telegram.me/buratha