المقالات

ماذا تفعل لو زارك ضيف متدين في بيتك؟ فضيحة الإعلام العربي

1622 05:19:00 2011-08-28

الكاتب المصري الشهير: مصطفى محمود

ماذا تفعل لو زارك ضيف متدين فى بيتك؟ ..ربما لا تكون أنت متدينا بالمعنى المتعارف عليه فى مجتمعنا...ربما تكون غير ملتزم بالصلاة فى المسجد..أو صيام النوافل..بل ربما لا تكون لك أية علاقة بالدين على الإطلاق وربما لم تصم أو تصل منذ سنوات...بل ربما تكون لك ديانة أخري غير ديانة هذا الضيف المتدين ولك رؤية أخرى فى الحياة قد تتعارض مع منهج حياة هذا الضيف. كل هذا لا يهم!..لأن ذلك لن يثنيك عن إكرام الضيف ومحاولة عدم جرح مشاعره أو معتقداته، على الأقل فى الفترة التى سيزورك فيها..ستحاول أن تجعل زيارته سهلة عليه وعليك وستحاول أن تبحث عن أرضية مشتركة للحديث وقضاء الوقت معه.   غير المعقول والذي قد تعتقد أنه جنون هو موقف أحد أصدقائي غير المتدينين حين زاره شيخ متدين فى بيته ... فما أن دخل ذلك الشيخ بيت صديقي حتى قام صديقي وقال للشيخ : "سأثبت لك أنى احتفل بقدومك وزيارتك الطاهرة .. فقط أعطني دقيقة" .. ابتسم الشيخ الأسمر الذي يشع وجهه نورا وقد جلس فى غرفة الضيوف مسبحاً ... ولكن ابتسامة الشيخ الرقيقة ما لبثت أن تحولت لفم مفتوح (على البحري) من الذهول ... فلقد رأى صديقي يدخل عليه وفى يده زجاجة من الخمر ويحمل على كتفه سماعات ضخمة تخرج منها موسيقى صاخبة لفرقة من فرق عبدة الشيطان .. ووقف صديقي فى منتصف الغرفة يرقص احتفالا بزيارة الشيخ ثم مال على الشيخ قائلا : (هلت) أنوارك...تشرب بيرة ولا ويسكي يا شيخ إن شاء الله؟ الشيخ هو شهر رمضان وصديقي غير المتدين هو الإعلام العربي الذي نحسن به الظن معتبرين أنه أراد أن يحتفل بقدوم شهر رمضان المبارك (بغشامة) فوضعنا جميعا فى موقف لا نحسد عليه. تتسابق القنوات الإعلامية فى ماراثون من الفوازير والمسلسلات والبرامج ذات الإنتاج الضخم ... ولا أدري ما علاقة رمضان الذي هو شهر روحاني له وضع خاص فى العقيدة الإسلامية بالإنتاج الفنى والدرامي والترفيهي وبرامج قصص (كفاح) الفنانين .. ليكون السؤال المنطقي الوحيد الذي يمكن طرحه أمام هذا التناقض هو:(إيه اللى جاب القلعة جنب البحر.(   لماذا لا يحترم الإعلام العربي رمضان ... لماذا يتحول رمضان إلى شهر ترفيهى بدلا من شهر روحاني؟ .. لست شيخا ولا داعية ... ولكني أفهم الآن لماذا كانت والدتى تدير التلفاز ليواجه الحائط طوال شهر رمضان ... كنت طفلا صغيرا ناقما على أمي التى منعتني واخوتى من مشاهدة فوازير (شريهان) بينما يتابعها كل أصدقائي .. ولم يشف غليلى إجابة والدتي المقتضبة "رمضان شهر عبادة مش فوازير". لم أكن أفهم منطق أمى الذي كنت كطفل أعتبره تشددا فى الدين لا فائدة منه .. فكيف سيؤثر مشاهدة طفل صغير لفوازير على شهر رمضان؟ مرت السنوات وأخذتني دوامة الحياة وغطى ضجيج معارك الدراسة والعمل على همسة سؤالي الطفولى حتى أراد الله أن تأتيني الإجابة على هذا السؤال من رجل مسن غير متعلم فى الركن الآخر من الكرة الأرضية ... كان ذلك الرجل هو عامل أمريكي فى محطة بنزين اعتدت دخولها لشراء قهوة أثناء ملء السيارة بالوقود فى طريق عملى ... و فى اليوم الذي يسبق يوم الكريسماس دخلت لشراء القهوة كعادتى فإذا بى أجد ذلك الرجل منهمكا فى وضع (أقفال) على ثلاجة الخمور... وعندما عاد للـ(كاشير) لمحاسبتي على القهوة سألته وكنت حديث عهد بقوانين أمريكا : "لماذا تضع أقفالا على هذه الثلاجة" .. فأجابنى :"هذه ثلاجة الخمور وقوانين الولاية تمنع بيع الخمور فى ليلة ويوم الكريسماس يوم ميلاد المسيح"... نظرت إليه مندهشا قائلا : أليست أمريكا دولة علمانية .. لماذا تتدخل الدولة فى شئ مثل ذلك؟ .. فقال الرجل :"الإحترام.. يجب على الجميع احترام ميلاد المسيح وعدم شرب الخمر فى ذلك اليوم حتى وإن لم تكن متدينا .. إذا فقد المجتمع الاحترام فقدنا كل شئ". الاحترام ... ظلت هذه الكلمة تدور فى عقلى لايام وأيام بعد هذه الليلة ... فالخمر غير محرم عند كثير من المذاهب المسيحية فى أمريكا .. ولكن المسألة ليست مسألة حلال أو حرام .. انها مسألة احترام ... فهم ينظرون للكريسماس كضيف يزورهم كل سنة ليذكرهم بميلاد المسيح عليه السلام .. وليس من الاحترام السكر فى معية ذلك الضيف ... فلتسكر ولتعربد فى يوم آخر إذا كان ذلك أسلوب حياتك ... أنت حر ... ولكن فى هذا اليوم سيحترم الجميع هذا الضيف وستضع الدولة قانونا يفرض الإحترام فيمنع بيع الخمر ذلك اليوم. وحتى إذا كنت مسلما أو يهوديا أو حتى ملحدا فى أمريكا فلن يمكنك شراء خمور فى هذا اليوم حتى وإن كنت لا تؤمن بأهميته ولا بقدسيته ... فبغض النظر عن عقيدتك وتدينك فستجبر على احترام ذلك اليوم. هكذا أرادت أمي أن تعلمني (احترام) رمضان منذ نعومة أظفاري .. فلتشاهد الفوازير والمسلسلات والأفلام كما تحب طوال العام إذا كان ذلك يتناسب مع معتقداتك وأخلاقك .. ولكن فى رمضان ستظهر احترامك لهذا (الضيف) الشهر سواء كنت متدينا أم لا.       بالنسبة لى لم تعد القضية فى رمضان قضية هل المسلسلات والأفلام والبرامج الحوارية حلال أم حرام ... وليست القضية قضية هل تفسد الفوازير والأغاني المصورة صيامك أم لا ... القضية أن الباب سيدق عما قريب ليدخل ضيف كريم بيت كل واحد منا ... المتدين وغير المتدين .. الإسلامي والعلماني ... المسلم والمسيحي ... وسيكون عليك بغض النظر عن أفكارك أو أسلوب حياتك أو مدى تدينك أن تظهر لهذا الضيف ... الكثير من الاحترام. --, 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
حسام علي محمد
2011-08-31
ماذا لوتخيلنا أن هذا الضيف هو الموت ؟؟؟ الذي سوف يطرف بابنا في اي لحظة , عندها سوف نتمنى ونقول ((أرجعوني لعلي اعمل صالحا)) ويأتي الجواب ((كلا إنها كلمة هو قائلها)) اي لقد فات الأوان !!!!!
النجفي
2011-08-29
نعول على الامهات ان يكونوا كما ام الكاتب
المهندسة بغداد
2011-08-28
مقالة جميلة بوركتم اعتقد ان اللوم يقع على الام اكثر من الاعلام فالاعلام لاجدوى من توجيه الكلام اليه فقد سقط سقطة ما من بعدها جدوى نعول على الامهات ان يكونوا كما ام الكاتب
هيثم البصري
2011-08-28
كان يجدر بموقع براثا ذكر ان الكاتب الشهير مصطفى محمود قد توفي منذ سنوات وهو كان من كبار الفكر الالحادي في مصر الى ان هداه الله الى طريق الصلاح حيث اصبح منارا علميا من منارات الفكر الاسلامي بحول الله وقوته.. رحمه الله رحمه واسعة
حيدر
2011-08-28
مصطفى محمود متوفي منذ سنوات طويلة ومع ذلك يخاطبه بعض المعلقين هنا وكأنه مازال حيا. الله يرحمه.
حسين
2011-08-28
الملائكة ذكور لو إناث الكاتب مشغول بالهجوم علي الإعلام و المسلسلات في نفس الوقت الذي يقتل فيه الوف الأبرياء من الشيعة يا اخي كتبوا عن جرائم اتباع ابن تيمية في العراق في البحرين في لبنان في الخليج اخي في رمضان يغتصب الرجال و النساء و الأطفال في سجون ال خليفة
ابو حسنين النجفي
2011-08-28
بوركت يا اخي وانك اديت امانة حقيقية في الله لحرمة شهر رمضان واحترامه وعلى البشرية الظاله احترام هذه الشعيرة الواجبة وعلى الغافلين الانتباه اين الاحاسيس والمشاعر التي تدعونها حين يموت لكم احد ------ فكيف اذن وهو شهر رمضان الذي انزل فيه القران
الفقير الى الله
2011-08-28
لافض فوك يا استاذ . الاعلام العربي فقد اللياقة والادب وبهذا سقطت مفردة الاحترام من قاموسة .يحاول ان يلوي قدسية هذا الشهر لاسيادهم اللذين يدفعون في كل يوم للقضاء على القيم والاحترام . فالكل صهاينه وان ابوا
ابو علي العراقي
2011-08-28
مقال جميل ،، والفضائيات اصبحت فضائيات للعهر في شهر رمضان ،، ولا نستثني منها طبعا بعض الفضائيات العراقية التي كانت تطبل وتزمر وترقص حتى في ليلة وفاة امير المؤمنين عليه السلام... الاحترام هو ما نحتاجه بالفعل.
المغترب النجفي / كندا
2011-08-28
الاستاذ والكاتب الكبير مصطفى محمود ان الضيف الذي تقصده هو منقذ البشريه وحامل لواء دولة الحق وبقية الله في الارض وخليفته فيجب كما ينبغي استقباله بما يليق بقدسيته ومكانته عند الباري الجليل وانه لحدث طالما انتظرته الاجيال والانبياء والرسل ولكن الناس كما تفضلت ايها الأديب مثل القنوات العربيه المسلمه لايعرفون غير دك الاصبعتين ملتهين بتخدير شعوبهم والكذب عليهم ونقل ازماتهم الى دول الجوار وعايفين عدوهم الحقيقي بل يتسابقون الى كسب رضاه وأظهار الطاعه والولاء له فتبا لامة لاتعرف كيف تستضيف امامها ومنقذها
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك