جواد أبو رغيف
(المرء حديث أمسه فأختر لنفسك آي حديث) مقولة توضح إن الإنسان حر في اختيار صفته بعد مغادرة مسؤوليته أو بعد رحيله إلى عالم الحياة الأبدية ،ولاشك إن التاريخ ترك لنا في خزائنه الكثير من التجارب والعبر من سيرة أشخاص منحتهم الحياة فرصة الاختبار عبر مسؤوليات تحكموا بنا بمصائر البلاد والعباد فمنهم من فشل في الاختبار وتحولت فترة مسؤوليته إلى لعنة تطارده كل ما مامرّ ذكره !ومنهم من نجح واجتاز الاختبار وفاز بالذكر الطيب ،ولعل من أهم عناصر النجاح الزهد والإيثار والتجرد من الأنا!وفي إطلاله بسيطة لسبر غور التاريخ البشري الحديث نستطيع أن نلتقط شذرات ناصعة من سيرة بعض القادة الذين منحتهم الحياة فرصة الامتحان بتولي المسؤلية فأستغلها أفضل استغلال وخرجوا من حطامها كقطعة قماش ناصعة البياض أبت أن تلوثها الأنا البشرية وحطموا صنم العبودية للذات بصخرة قلوبهم الناصعة البياض والملأ بالحب للإنسانية دون تمييز ، ولعل الزعيم الهندوسي (المهاتما غاندي )وتعني النفس الكبيرة! واحداً من النماذج القيادية التي تستحق التوقف عند سيرتها ،فقد استطاع بحجمه الصغير وجسده النحيف العاري ومغزله ومعزته إن يوحد الهند بأسرها!!على الرغم من الخلاف الطائفي المتجذر بين مكونات الشعب الهندي الثلاث (السيخ والإسلام والهندوس)!حيث لم تشهد البلاد على مدى مسيرتها توحداً من قبل ألا في زمن غاندي!فكان قوله دستور لأبناء الشعب الهندي بجميع مكوناتهم المختلفة!وكما تساءل عنه تشرشل عندما شاهده في قصر الإمبراطورية البريطانية بلباسه التقليدي وقال: (من هذا الرجل العاري الذي يتسلق سلالم قصر الملكة)!فقوة غاندي كانت ليست في جسده النحيف ولا بهندامه ،بل كانت في روحه الكبيرة التي تأبى إلا أن تكون أسيرة لعبودية (الأنا)بجميع مشتقاتها!لقد قهر غاندي بجسده العاري أسطورة الإمبراطورية التي لاتغيب عنها الشمس !بموقفه الراسخ الذي لايتزحزح قيد أنمله عن مبادئه ولو وضعوا تحت تصرفه جميع الامتيازات وهو القائل :(سأفتح شباكي على جميع رياح العالم ولكنها لا تستطيع ان تقتلعني من جذوري )!لقد ارتبط غاندي بوطنه فأصبح سلاماً جمهورياً هندياً بامتياز! يعزف في كل مكان في البيت في الشارع في العمل ،ولم تقتصر شهرته بين أبناء جلدته بل تحول إلى ماركة عالمية وواحدا من القيادات العالمية العظيمة!ترى أي حديث اختار سياسيي العراق لأمسهم ؟
https://telegram.me/buratha