علي حسين غلام
ستمر علينا في هذه الأيام الذكرى الثانية لتأسيس المؤتمر الوطني العام للكورد الفيليين، المؤتمر الذي ولد من رحم الأمة الفيلية كنتيجة حتمية وضرورة زمانية ملحة لابد منه، لقد مر هذا المكون لحقبة زمنية طويلة بظروف قسرية صعبة ومعاناة لا حدود لها وكوابيس قاتمة زرعت اليأس في النفوس ورسمت في الأذهان صورة سوداوية لما سيؤل اليه المستقبل المجهول الذي سوف يكتنف مصير أبناءنا وأحفادنا، لقد أستطاع هذا المؤتمر وبرئاسته الحكيمة في إحداث تغيير في نمط التفكير والعمل السياسي ليُحي الأمل ويزرع الثقة والطمأنينة في النفوس ويستنهض الروح الفيلية المبدعة والخلاقة ويرص الصفوف ويوحد الكلمة وفق رؤية وسطية مفعمة بالحيوية والحداثة تنطلق من معطيات فكرية متجددة وتستلهم من الأرث التاريخي مبادئه وقيمه لتستوعب وتحتضن الفيليين بغض النظر عن الفكر والميول والاتجاه والإستظلال في الخيمة الفيلية الكبيرة والرحبة، ليكون لهذا الواقع الجديد الأثر الواضح والملموس فى الساحة السياسية والإجتماعية خلال المدة الماضية، وقد خطى المؤتمر خطوات كبيرة من حيث بلورة وتأطير المنهج والعمل السياسي وفق معطيات وأسلوب تتوافق مع حجم التحديات المصيرية وكيفية التحرك والتعامل مع الأحداث السياسية بموضوعية وواقعية يضمن مصلحة الوطن عموماً والمصلحة الفيلية خصوصاً بعيداً عن الإصرار على موقف معين والتعصب والتشنج أو إتخاذ موقف سلبي مسبق قبل أي حوار، وكذلك متابعة الشؤون والحقوق الفيلية على كافة الأصعدة من خلال التواصل مع الحكومة ومؤسساتها ومنها أستحصال موافقة دولة رئيس الوزراء على تشكيل لجنة خاصة لمتابعة أنجاز معاملات الكورد الفيليين في جميع دوائر الدولة دون أستثناء وأعطاءها الأولوية في الإنجاز وخصوصاً في هيئة النزاعات الملكية ودوائر مديرية الجنسية العامة، وبالرغم من عدم وجود تمثيل فيلي في البرلمان وهو جرح كبير يضاف الى الجراحات التي لا تعد ولا تحصى، إستطاع المؤتمر من التواصل مع القوى السياسية المؤثرة في القرار العراقي لدعم كل التشريعات والقرارات والقوانين التي تصب في المصلحة الفيلية وآخرها موافقة البرلمان على قرار أعتبار الجرائم التي أرتكبت بحق الفيليين إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية، وكذلك إجراء اللقاءات مع قادة الكتل للحصول على الإستحقاق الوطني من حيث التعيين في مفاصل الدولة المختلفة والمشاركة الحيوية والفعالة في العملية السياسية ودعم الحكومة للقيام بواجباتها وتقديم الخدمات للمواطنين، إن عدم وصول شخصية فيلية الى البرلمان مازال يترك أثره السلبي في الذات والكيان الفيلي معاً وتضع أكثر من علامة إستفهام وتعجب على ما جرى وعلى ضرورة دراسة الموضوع بجدية للوقوف على أسباب الفشل والإخفاق وتحديد الخلل والضعف الذي أصاب الجسد الفيلي والإستفادة من هذه التجربة طالما هناك إستحقاقات إنتخابية مقبلة والعمل الجاد للملمة أطراف الثوب الفيلي المترامي بين جذب وشد من قوى سياسية مختلفة وفق مصالحها الحزبية أو طموحات فئوية غير مشروعة، وكذلك تحديد المسار والإتجاه الجديد للمسيرة الفيلية بما تتناغم وتتوافق مع تطلعات ورغبات المكون الذي بات يرفض بشدة ما آلت اليه الإنتخابات وبأصرار موشح بالحزن والآسى داعياً الى ضرورة إعادة ترتيب البيت الفيلي وكل الحسابات التي من شأنها أن تعيد للمكون الفيلي مكانته الحقيقة التي يستحقه وكرامته التي جرحت لأسباب ذاتية تتعلق بضعف ووهن أصاب وحدة الجسد الفيلي بسبب الولاءات المختلفة فضلاً عن ظروف خارجة عن الإرادة بحكم إختلاف موازين القوى للأحزاب السياسية وتأثيرها المباشر وغير المباشر على المجتمع والواقع العراقي بشكل عام وكذلك عوامل أنانية ومرضية لبعض الشخصيات الفيلية التي تصدت للإنتخابات وقصور نظر بعض القوى الفيلية وتغليب مصالحها على حساب المصالح العليا للفيليين والأهم من كل ذلك هو عدم المبالاة والإتكالية لبعض الفيليين والإكتفاء بمراقبة الوضع وعدم الإكتراث بالنتائج وما يترتب عليها من الإستحقاقات السياسية والإجتماعية، وغيرها من الأمور والقضايا التي إجتمعت كلها لتكون خنجراً يطعن في ظهر الفيلي ليضاف الى طعنات الماضي الأليم والقدر القاسي الذي ما زال لا ينفك من التعامل مع هذا المكون بقسوة وغلظة شديدة لا مثيل لها في العصر الحديث ولم يطلق عنان الحظ ولو لمرة واحدة ليستغلها أصحاب العقول الراجحة والمتمرسة التي تقود المؤتمر لتغيير الواقع الفيلي بما يتناسب ومكانته الإجتماعية والسياسية وإرساء سفينته على شواطئ المجد والرقي والتقدم وكما يقال ( الحظ أعطيني وفي البحر أرميني)، فمتى يطرق الحظ الباب الفيلي ليمنحه تلك الفرصة التأريخية لتغيير فأل الشؤم الملازم له لطالما لم تسعفه كل تلك المظلوميات بكل اشكالها لينال نصيبه ويأخذ حقه وإستحقاقه من هذا الوطن والدنيا وبلا شك قد نال نصيب و حصل على حقه في الآخرة أنشاء الله، إذاً لا بد من معالجة الوضع بروحية الإيثار والتفاني ونكران الذات والعمل الجمعي من أجل إرساء قاعدة جديدة مبنية على الثقة وتحمل المسؤولية والسير المشترك في طريق واحد لإتجاه واحد دون فروع أو لف ودوران.
https://telegram.me/buratha