عادل الجبوري
فرق كبير بين المنهج البراغماتي الميكيافيلي في عالم السياسة الذي يقوم على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، والمنهج الاخلاقي المرتكز على قيم وضوابط ومحددات عديدة والذي يمكن القول انه يقوم على مبدأ شرف الغاية من شرف الوسيلة.والمنهج الاول يعني جواز استخدام وسائل سيئة وغير مشروعة ولاشرعية لبلوغ غايات واهداف نبيلة وسامية.. وهذا ما يقول به اصحاب هذا المنهج والداعين والمتبنين له.ولعل التجارب الانسانية الطويلة لشعوب وامم ومجتمعات اثبتت ان اصحاب المصالح الخاصة والضيقة ومن يبحثون عن مكاسب وانجازات على حساب الاخرين لم يعبأوا كثيرا بما يمكن ان تخلفه اساليبهم وادواتهم من ماسي وكوارث في مقابل المكاسب التي يجنونها، والحروب والصراعات والنزاعات العالمية والاقليمية والمحلية هي في الواقع ليست الا نتاج ذلك المنهج السلبي والخاطيء والمنحرف.لايمكن ان يفضي استخدام الوسائل والادوات السيئة من خداع وتضليل وقتل وتدمير الى اهداف نبيلة تعود بالنفع على الشعوب والامم والمجتمعات.. ومن يقول بذلك فهو اما مخادع ومضلل او جاهل وغير قادر على فهم وادراك الحقائق والوقائع.اما المنهج الثاني (شرف الغاية من شرف الوسيلة) فهو يعني ان من يريد ان يحقق هدفا نبيلا لابد له ان يستخدم ادوات ووسائل نبيلة.. هكذا تقول وتؤكد القيم والمباديء الدينية والاخلاقية والانسانية الصحيحة.لا-ولن- تفضي اساليب التشهير والتسقيط المتبعة من قبل بعض القوى والتيارات والشخصيات السياسية في المشهد العراقي الى نتائج طيبة.بل على العكس من ذلك تماما، فأنها كمن يصب المزيد من الزيت على النار، ومن الخطأ ان ننتظر خيرا ممن يلجأ الى سياسة نشر الغسيل لتصفية حساباته مع خصومه ومنافسيه، بل وحتى مع شركائه.ليس المكسب الحقيقي هو في الحصول على هذا الموقع او ذاك والتمتع بالامتيازات، بقدر ما يتمثل بترسيخ وتكريس السياقات والمنهجيات الصائبة في العمل السياسي، مثلما هو الحال مع ترسيخ وتكريس القيم الاجتماعية والاخلاقية السليمة في المجتمع، والسعي الى تقديم الخدمة الحقيقية للناس.الارهاب والفساد والتشهير والتسقيط والخداع والتضليل والكذب والنفاق والتدليس كلها وسائل وادوات خاطئة وسيئة، وفي بعض الاحيان-او معظم الاحيان-يمكن ان تكون كارثية ومأساوية.وكل تلك الادوات الوسائل كانت حاضرة في المشهد العراقي العام طيلة الاعوام الثمانية والنصف الماضية، ومع حضورها شاعت مظاهر الدماء المسفوكة والاشلاء المقطعة والملايين المحرومة والمغيبة، مع اتساع الهوة بين النخب السياسية من جهة وعموم ابناء الشعب من جهة اخرى.بأختصار شديد متى ما كانت المقدمات صحيحة والوسائل صائبة، جاءت النتائج صحيحة والاهداف محمودة.
https://telegram.me/buratha