خضير العواد
أن ذكر الأيات الكريمة التي تعظّم العلم وأهل العلم وتفضلهم على غيرهم واستعمال العلم كلها أدلة جميلة لأن كلام ألله جميل وقويم ولايصل أليه الباطل فنعم الأدلة والبراهين إذا كانت من كلام ألله ولكن يجب أن نستعملها في أماكنها لكي تعطي الهدف المرجوا منها وهو تبيان الحقيقة بشكل واضح وجلي , فأستعمال هذه الأيات كدليل في أثبات مسئلة الهلال بواسطة علم الفلك ليس في محله لأن ألله سبحانه وتعالى قد أعطانا الدليل في أثبات الهلال إذ قال سبحانه وتعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )..(1) , والمسلمون قاطبةً أتفقوا على هذه القاعدة وهي ( لايجوز الأجتهاد أمام النص ) والنص أما يكون أية من الذكر الحكيم أو سنة المعصوم عليه السلام (قول وفعل وتقرير المعصوم (ع)) فمع وجود هذا الدليل فلا يمكن الإجتهاد .أما الى إثبات شهر شوال (عيد الفطر المبارك): فينقسم المسلمون الى مجموعتين :1-تثبت عندهم بداية الشهر بولادة الهلال ( أي اليوم الثاني للولادة ) أي الإعتماد على علم الفلك بصورة رئيسية في إثبات بداية الشهوليس الرؤيا . 2-تثبت عندهم بداية الشهر على رؤية الهلال على مختلف أنواعهم من ناحية وحدت الأفق أو عدم وحدت الأفق أوغيرها من الاراء المهم كفكرة رئيسية هي الرؤية . لكلتا المجموعتين حريتها في إختيار طريقتها في التعبد المهم يجب أن يمتلك كل إنسان الدليل الشرعي على طريقة تعبده أي الدليل الذي أراده الله سبحانه وتعالى أن نتخذه كدليل , لاعتبار أن الدين هو دين ألله والعبودية هي الإتباع , إذن عندما يسألنا ألله سبحانه وتعالى على الدليل يوم القيامة لأن الأية تقول ( وقفوهم انهم مسؤلون ).... (2) فهل المجموعة الأولى تمتلك الدليل على طريقتها من كتاب إلله وسنة رسوله الكريم (ص) لأن ألله سبحانه وتعالى يقول (وما أختلفتم فيه من شئ فحكمه الى ألله والرسول)....(3) ( وأطيعوا ألله والرسول وأولي الأمر منكم فأن تنازعتم في شئ فردوه الى ألله والى الرسول ) .....( 4) ( ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فأنتهوا )....(5) ( ماكان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى ألله ورسوله أمر أن يكون لهم الخيرة من أمرهم )..... (6 ) أي يجب أن تقدم المجموعة الأولى الدليل الشرعي من كتاب إلله وسنة رسوله (ص) حتى يكون عملها مقبول عند إلله سبحانه وتعالى . أما المجموعة الثانية التي تعتمد على الرؤية في إثبات الهلال عندما نسألهم على الدليل الشرعي فيكون جوابهم نحن نعمل أعتماداً على قول إلله سبحانه و تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه ).... (7) هذا دليل على الرؤية ونحن نعمل وفق هذا الدليل بالإضافة الى قول رسول ألله (ص) (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) وهذا الحديث رواه أغلب علماء الحديث من جميع الفرق الإسلامية كألعلامة الحلي في منتهى الطلب ج2ص ومحي الدين النوري في المجموع ج6ص276 وقد رواه بن حجر في تلخيص الحبير ج6ص250 وعبد ألله بن قدامة ج3ص10 والإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج1ص226 ومسلم في صحيحه ج3ص124والبيهقي في سننه ج4ص205 وغيرهم أمثال البخاري في صحيحه وابو داود سننه . أي شرط بداية الشهر تعتمد على رؤية الهلال وليس بطريقة أخرى وهذا ما أتفقت عليه جميع المذاهب الإسلامية . أما من ناحية أستعمال العلم وتفضيل إستعمال العلم في هذه الحالة مع وجود الدليل الشرعي على الرؤية كشرط , علينا أن نستعمل علم الفلك لتسهيل عملية الرؤية كتحديد يوم الولادة ومن ثم تحديد المناطق والزوايا التي عندها تكون الرؤية ممكنة وواضحة وبذلك عملنا على تسهيل الأمر للأمة في إمكانية رؤية الهلال بشكل سهل وقطعي ولا يمكن لنا أن نستعمله كدليل من عند أنفسنا بدون دليل شرعي وهذا يخالف أوامر ألله سبحانه وتعالى . ملاحظة مهمة جداً : إن عمل رسول ألله قطعي ومطابق للوح المحفوظ وهذا ما أتفقت عليه الأمة الإسلامية , رسول ألله (ص) كان يعتمد على الرؤية ومن خلال الحديث الثابت عنه وقد رواه أغلب علماء المسلمين من جميع الفرق الإسلامية ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) أي لم يكن يعتمد على ولادة الهلال في إثبات بداية الشهر بل بالرؤية , إذا كان العمل بالولادة هو الصحيح وليس بالرؤية أذن عمل الرسول (ص) خطأ وحاشا لله من هذا الكلام , لأن العملية أما صحيحة أو خطأ في كل الأزمنة , أما صحيحة في زمن وخطأ في زمن فهذا يخالف العلم كما تريدونه كدليل في هذه المسألة لأن في يوم ولادة الهلال كما هو معروف عند علماء الفلك مستحيل رؤية الهلال أما اليوم الثاني فأمكانية الرؤية تعتمد على الساعة التي ولد فيها في اليوم الماضي أي في أغلب الأحيان تكون الرؤيا مستحيلة حتى في اليوم الثاني , أي إن رسول ألله (ص) لم يتخذ ولادة الهلال نهائياً كدليل في إثبات بداية الشهر أو نهايته بل كانت الرؤية هي الدليل الوحيد الذي كان يتبعه رسول ألله (ص) , مع العلم إن علم الفلك كان موجود في ذلك الزمان والعرب لهم باع طويل به ولكن الرسول (ص) لم يتخذه كدليل في أثبات الأشهر العربية ,أي سوف يصبح العمل بالولادة متناقضاً مع عمل الرسول (ص) من ناحية الصح والخطأ . أما من ناحية توحيد الأمة على يوم واحد والعمل أعتماداً على ولادة الهلال سوف يسهل في وحدة المسلمين ويجعلهم في أتم السعادة والفرح , المهم هو أتباع أوامر ألله سبحانه وتعالى فهذا هو الذي يجلب السعادة والفرحة الحقيقية , أي الغاية هي تنفيذ أومر ألله قال ألله سبحانه وتعالى (ماكان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى ألله ورسوله أمر أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ).. ( 8 ) (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم )... 9) أما الوحدة الأسلامية فيجب أن تكون بواسطة الأعتصام بحبل ألله سبحانه وتعالى قال ألله سبحانه وتعالى ( وأعتصموا بحبل ألله جميعاً ولا تفرقوا ) ..(10) وقد بيّنت السنة النبوية الشريفة ما هو حبل ألله قال رسول الله (ص) (إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما اكبر من ألأخر كتاب إلله تعالى وعترتي فأنظروا كيف تخلفوني فيهما فأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض )... ( 11) , قال رسول ألله (ص) إني تركت ما أن أخذتم به لن تضلوا كتاب إلله وأهل بيتي )... ( 12) فألتمسك بهذا الحبل المتين هو الطريق الصحيح للوحدة الأسلامية التي أرادها ألله لنا , أما أكتشاف طرق جديدة للوحدة بدون دليل من ألله ورسوله فهذا يبعدنا عن دين ألله القويم ومن ثم يدخلنا في الضلال المبين . 1-سورة البقرة أية 185 2- سورة الصافات أية 24 3- سورة الشورى أية 100 4- سورة النساء أية 59 5- سورة الحشر أية 7 6- سورة الأحزاب أية 36 8- سورة البقرة أية 185 9- سورة النور أية 63 10 -سورة آل عمران 103 , 11- الحاكم النيسابوري -المستدرك ج3ص109 , 12 - البلاذري - أنساب الأشراف ص111 ,أبن عساكر - تاريخ دمشق الحديث 527-538 ج38ص29
https://telegram.me/buratha