طالب عباس الظاهر
قد يتصور البعض من الناس إن يوم العيد،هو يوم فرح وسعادة وسرور فقط،وأيامه فرصة للتحرر من كل قيد،وسانحة للانطلاق صوب إشباع ما حرمت منه النفس من الرغبات،ومعنى ذلك إنه في العيد على الإنسان الإقبال على الحياة ومباهجها من ملبس ومأكل،بعد توقف قصير أثناء فترة صيام شهر رمضان،كما نلمس مثل ذلك التصور في تصرفات البعض خلال حفلات الزواج مثلاً،وفي بعض مظاهر الفرح الأخرى المماثلة،حيث الانفعال العاطفي غير المحسوب،والاندفاع غير الدقيق في التصرف،فيبيح هذا البعض لنفسه في خضم فرحه بالعيد..التحلل من قيد الالتزامات، والانقطاع عن ممارسة بعض الطاعات،مما جهد نفسه أثناء ليالي شهر رمضان ونهاراته لتحصيله،وقد دفع ثمنه سهر وتعب وجوع وعطش،من أجل قطف ثمار يانعة من دوحة هذا الشهر الفضيل، خاصة في هذا العام حيث مصادفته مع الارتفاع الشديد للحرارة،وتزامنه مع لهيب شهر آب الذي تجاورت درجة الحرارة في بعض أيامه،الخمسين درجة مئوية في ظل أزمة الكهرباء المتفاقمة..بينما نجد إن كل يوم لا يعص الله فيه فهو عيد. أقول،إن البعض قد يندفع خلف هواه ورغباته بمجرد الانقضاء لموسم الصيام دونما احتراس ربما،ممنياً نفسه ومبرراً لتصرفاته بالقول،إن المناسبة مناسبة عيد عظيم للمسلمين،وهو يوم فرح كبير للناس،بغلبة مشاعر السرور والفرح على الناس، وطغيان مظاهر السعادة والابتهاج في الوجوه والقلوب،كونه فرصة للراحة بعدما أنقضت صعوبة أيام شهر رمضان المبارك،لاسيما وقد كانت أيام عمل واجتهاد، فترى مثل هذا البعض كأنه يسعى للتعويض عما فاته من ملذات ورغبات وشهوات، حرمه منها التزامه بالصيام،وكبح جماح نفسه عنها تقيده بالابتعاد عن المفطرات، فيقبل بشراهة على الطعام والشراب والزينة،وغيرها من الشهوات، مما حرم منه خلال شهر رمضان الكريم..فيبدو منساقاً ومندفعاً مع غبطة المناسبة حتى ولو دعاه هوى نفسه- أحياناً- إلى السقوط في المحذورات أو المحرمات! وهو ما يمثل إحباطاً لأجر الصائم وثوابه، وتضييعاً لتعب الصيام ونصبه. أخيراً فإن العيد في حقيقته،إنما هو يوم للجزاء وتحصيل للثواب،وكسب للحسنات بأداء طقوس العبادات،والعيد هو عيد لمن قبل صيامه وقيامه،وقبل عمله وغفرت ذنوبه،وعيد لمن فاز بجائزة قبول الله تعالى لتوبته،وشمل بواسع رحمته،ومنح شرف السيادة على رغباته وشهواته وهواه..أي إن العيد في كسب رضى الله تعالى،وليس السعي في مرضاة النفس الإمارة بالسوء.
https://telegram.me/buratha