الكاتب ..عمران الواسطي
الخطاب السياسي للسيد محمد باقر الحكيم ( قدس ) بعد عودته إلى العراق عام 2003.في هذه الأسطر القليلة انقل بعض ما كتبته أقلام الباحثين عن حياة السيد شهيد المحراب ( قدس ) المليئة بالمحطات الكبيرة والتي تعبر عن ما ذا كان يريد أن يكون عليه العراق بعد سقوط النظام البعثي وعن بعد النظرة وقوة الخطاب الذي كان يتمتع بها سماحته حيث أن خطابه السياسي بعد عام 2003 كان بداية لمرحلة جديدة يحتاجها العراقيون لكي تتضافر جهودهم من اجل خدمة الشعب العراقي . فقد بقي السيد محمد باقر الحكيم يترقب الوقت المناسب للرجوع إلى العراق لقيادة الساحة سياسيا لاسيما أنها كانت تعيش فترة اضطراب في ظل غياب القيادة السياسية الموحدة ومراقبة الأوضاع من قبل الإدارة الأمريكية ومتابعة كل تحركات الكوادر التي لها أثر ملموس في الساحة العراقية والعربية، تلك التي لها توجهات إسلامية مؤثرة في نفوس الشعب العراقي . أراد السيد محمد باقر الحكيم الرجوع إلى العراق بالرغم من مطالبة الكثير من المحبين الذين نصحوه بعدم العودة متذرعة بعدم وجود الأمن والاستقرار، فضلا عن مشورة الكثير من القادة العسكريين من أتباعه الذين كانت آرائهم متشابهة بعدم القدوم إلى العراق في هذه الفترة . وفعلا اتخذ قرار العودة إلى العراق داخلا من مدينة البصرة ومن نقطة الشلامجة الحدودية في العاشر من مايس 2003 لما لهذه المدينة من خبرة جهادية في نظره وتكريما لها وللشهداء الذين ضحوا من اجل استقلال العراق واعتبارها رمزا ونموذجا للتضحية والفداء . وبعد وصول السيد محمد باقر الحكيم إلى مركز مدينة البصرة خاطب الحشود المليونية المجتمعة في ملعب رياضي وهي تردد: (أهلا بالسيد جايب ريحة جده وجاي وياه) معبرة بالورد والمحبة لمقدمه إلى أرض الوطن قائلا فيهم: (نريد الاستقلال ولا نريد حكومة مفروضة) ، (إن العراقيين لا يحتاجون لمساعدتهم في بناء الحكومة الجديدة). وأضاف قائلا: (نريد أن يحكم الشعب نفسه بنفسه ونريد حكومة المسلمين وتمثل المسلمين أيضا وكل الطوائف في العراق التي هي عماد الشعب العراقي) . إن جميع رؤى السيد محمد باقر الحكيم (قدّس سرّه) السياسية التي طرحها منذ اليوم الأول لدخوله البصرة كانت معبرة عن مدى عمق المحبة التي يكنها سماحته لأبناء الشعب واضعا الحلول الناجحة لإنقاذه بتشكيل حكومة وطنية ديمقراطية تعبر عن كافة أبناء الشعب وهذه الحلول أصبحت هاجس جميع الساسة العراقيين المؤمنين بالعملية السياسية . لقد خاطب السيد محمد باقر الحكيم الجماهير قائلاً: (إن أولويتنا هي وحدة الكلمة ونحن في خدمة المرجعية ولتوحد العشائر) وتابع حديثه قائلاً: (نعم ـ نعم للعشائر) ضد المحتل، واصفا العراق للعراقيين في جهادهم وبناءهم وعدم فسح المجال لأزلام النظام السابق للعيش بين العراقيين بأمان، واختتم خطابه بالشكر للجمهورية الإسلامية الإيرانية وجميع الدول التي ساعدت العراقيين للعيش بأمان في ظل النظام السابق . ثم يتوجه بعد خطابه لأهالي مدينة البصرة إلى مدينة الناصرية مخاطبا الجموع التي تنتظره في حر الظهيرة، وهي تلوح الأعلام والزغاريد والمحبة والوفاء متمنيا لهم الحياة الكريمة بعد زوال النظام . وغادر السيد محمد باقر الحكيم (قدّس سرّه) مدينة الناصرية باتجاه مدينة السماوة إذ وصلها في الحادي عشر من مايس 2003 مخاطبا أهالي السماوة بالمحبة والوفاء والكرم لحسن الاستقبال ومباركا لهم الخلاص من النظام، بعدها توجه إلى مدينة الديوانية يرافقه وفد ضخم من المقربين من أعضاء المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق واعضاء من منظمة بدر فوصلها في الثاني عشر من مايس 2003 مخاطبا أهالي الديوانية بكلمة قصيرة شاكرا في الحشود المليونية واعتذر منهم (لوجود بحة في صوته) فأنابه السيد عمار الحكيم نجل السيد عبد العزيز الحكيم إذ استطاع أن يوصل مظلومية عائلة الحكيم إلى هذه الجموع وعن تضحيات هذه النخبة باعتبارها عائلة جهادية منذ زمن الإمام الحكيم (قدّس سرّه) ولحد اليوم . ثم واصل زحفه باتجاه مدينة النجف الأشرف فوصلها في الثالث عشر من مايس 2003 فتبرك بزيارة جده أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهما السلام) وسط الآلاف من محبيه، وبعد أداء الزيارة خاطب الحشود المتجمعة في الصحن العلوي الشريف داعيا إلى بناء نظام إسلامي ينسجم مع أساليب العصر ومع التطورات الاجتماعية في هذا الزمان، رافضا حكومة مفروضة على العراقيين قائلا: (سنقاوم أي حكومة تفرض على العراقيين بالمظاهرات والاضطرابات) و(إن الذي يضمن استقلال العراق هو الإسلام والانتخابات الحرة). وكان السيد محمد باقر الحكيم (قدّس سرّه) يتحدث إلى جميع من يلتقيهم موضحا جملة من المعلومات التي يجب أن يتبعها الشعب والوقوف بحزم ضد الوجود الأمريكي والاستمرار على طريق الجهاد مهما كانت التضحيات مرددا دائما كما قال جده الإمام الحسين (عليه السلام): ((هيهات منا الذلة)). ثم توجه السيد محمد باقر الحكيم (قدّس سرّه) لزيارة مدينة كربلاء المقدسة في الرابع والعشرين من مايس 2003 لزيارة مرقد الإمام الحسين بن علي عليهما السلام وكان باستقباله آلاف المرحبين بقدومه إلى كربلاء، وبعد الزيارة خطب في داخل الصحن الشريف خطبة مبينا فيها التطورات الدقيقة للتحديات التي يواجهها الإسلام والدول الإسلامية داعيا إلى توحيد الصف من أجل صد مؤامرات المستعمرين وأضاف قائلاً: (أنا أقبل الأيادي التي ضحت من أجل الإمام الحسين وكربلاء) ، فإن ثارات الحسين (عليه السلام) هي ثار لكل معذب وكل منا عانى فإننا عندما نهتف لثارات الحسين فإننا نهتف بأخذ الثأر من كل أعداء الحسين (عليه السلام)، وأن لمدينة كربلاء دوراً في كل مراحل التأريخ إذ أن المدينة تشرفت بمقاومة الاحتلال منذ عام 1914، ومن هذا المكان أفتى سماحة المرجع الإمام المرحوم الشيرازي (قدّس سرّه) بمقاومة الاحتلال، وأن لهذه المدينة دوراً في مقاومة الظلم فضلا عن دورها في احتضان خمسة ملايين مسلم في زيارة الأربعين ولأهلها دور في حسن التنظيم والاستقبال ولتكون مثلا ودرسا يستفيد منه جميع العراقيين وجميع المحافظات، وأضاف: (أشكر جميع الذين استقبلوني في الروضة الحسينية الطاهرة، وأني أقبل الأيادي التي تهتف لنا ونحن نقول لهم: نحن نشكركم وسيكون سعينا في العمل بجد لإقامة حكومة وطنية مستلهمة مبادئها من الإسلام) وأضاف: (إن لقوات الاحتلال دوراً في حفظ الأمن والنظام وإنها قوات احتلال حسب قرارات الأمم المتحدة فيجب أن تأخذ دورها الفعال في بناء العراق وأن تتعاون مع العراقيين في تلبية طموحاتهم وتدافع عن الشعب الجريح وأن تتعاون معهم في تكوين حكومة وحدة وطنية قوية). كانت جميع خطابات السيد محمد باقر الحكيم (قدّس سرّه) السياسية تؤكد على وحدة الصف ضد قوى الكفر والضلال والوقوف بحزم خلف مرجعيتنا الرشيدة والتمسك بها .
https://telegram.me/buratha