سعد البصري
الكثير من العراقيين إذا لم نقل جميعهم يتابعون وبشكل يومي ما يدور في وسائل الإعلام من إخبار تهم الشأن العراقي . وهم بذلك يساهمون في الترويج لموضوع معين من خلال ما يفهمه كل واحد منهم من تلك الإخبار . إذا فهم ( أي المواطنون العراقيون ) عبارة عن محطات إخبارية متنقلة تنقل الأحداث حتى تلك التي لم يصل لها الإعلاميون بعد . وقانون الأحزاب واحد من تلك الأخبار التي يتابعها المواطن العراقي باهتمام ، لأنه قد سمع عن هذا القانون منذ سقوط النظام أي قبل أكثر من ثماني سنوات . ولا يعلم ما هي آليات هذا المشروع وماذا يمكن أن يقدم إقراره من منفعة للمواطن العراقي الذي لا يسعى إلى أكثر من تقديم الخدمات الضرورية له . فمئات الأحزاب العراقية تشكت بعد الإطاحة بنظام البعث 2003 ولكن من دون برامج واضحة ومن دون ضوابط تحكم عملها ، ولم تحاول هذه الأحزاب بشكل جدي إقرار قانون ينظم عملها على الرغم من أن الدستور العراقي الذي اقر عام 2005 يوجب في الفقرة الأولى من المادة 39 ( تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية، وتكفل هذه المادة حق الانضمام إليها، ويتم تنظيم ذلك بقانون) . وبعد إرسال الحكومة مسودة جديدة إلى البرلمان تمت القراءة الأولى لها أصبح مشروع القانون على المحك بعدما تم تأجيل البت فيه العام 2007 وبدأت الكتل البرلمانية طرح أفكارها واقتراحاتها لتعديله قبل إنجاز القراءة الثانية . لكن اللجنة القانونية في البرلمان أعلنت ملاحظات عدة في المسودة وصفتها بـ ( الثغرات) ومن أبرزها ربط الأحزاب بوزارة العدل وعدم ربطها بالقضاء، ووجود بعض الصياغات العائمة ، منها عدم تأسيس الحزب على أساس طائفي من دون تحديد الجهة التي تحدد هذا الأمر . ومن المحتمل حسب رأي البعض إن مشروع القانون سيؤدي إلى خلق حالة جديدة في العراق هي حالة الأحزاب الوهمية وأحزاب تجارية ، كما انه قد يؤدي إلى تبعية حتمية إلى السلطة الحاكمة التي تتحكم في توزيع إعاناتها المالية، وإلى عقد الصفقات السياسية التي تغيب فيها المصلحة العامة ومصلحة المواطن . كما أنها وسيلة للابتزاز ولعرقلة عمل بعض الأحزاب التي قد يكون لها موقف معارض للسلطة الحاكمة . لذا فمن الناحية النظرية فان إقرار مشروع الأحزاب شيء جيد في إطار العمل الديمقراطي في العراق الجديد . ولكنه ربما يصبح وبالا على العملية السياسية والمجتمع العراقي إذا ما ( ترك الحبل على الغارب ) وبالتالي فان النتائج ستكون خاطئة ومكلفة .
https://telegram.me/buratha