احمد عبد الرحمن
لاتكمن القوة الحقيقية للدولة والمجتمع، التي يفترض ان تفرز الامن والاستقرار والتعايش وتلبية متطلبات واحتياجات المواطنين المادية والمعنوية، والارتقاء بالمستوى الثقافي والسلوكي لهم، لاتكمن في العدد الكبير من قوات الجيش والشرطة ، ولابترسانة الاسلحة والمعدات العسكرية الحديثة والمتطورة، ولا بكثرة نقاط التفتييش ومظاهر العسكر في الشوارع والمدن، ولا بأشاعة القيم والثقافة العسكرتارية في المجتمع.لاشك ان أي بلد من البلد، واي مجتمع من المجتمعات يحتاج الى وجود الجيش والى الاسلحة والى جملة من الاجراءات التي من شأنها المساهمة في اشاعة الامن والاستقرار والسلم الاجتماعي، لكن ان يختزل الامن والاستقرار بها واهمال العناصر والعوامل الاخرى، فهذا خطأ كبير وفادح جدا.قوة الدولة الحقيقية، ومن ضمنها المجتمع الذي يشكل احد عناصرها الاساسية الى جانب الارض والسلطة السياسية، تكمن في عوامل اخرى لاتقل اهمية عن الجيش والشرطة والسلاح وما يرتبط بها من ظواهر ومظاهر.فوجود الدستور المتفق عليه والمقر من قبل ابناء الشعب، عامل اساسي ومهم من عوامل قوة وتماسك الدولة، وكذلك الامر بالنسبة للمؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية الفاعلة والمؤثرة والمضطلعة بمهامها ووظائفها بأيجابية وبما يعود بالنفع والفائدة على كل افراد المجتمع، وكذلك الامر بالنسبة لمؤسسات المجتمع الدني المختلفة ووسائل الاعلام التي تعكس توجهات الرأي العام وتعبر عن هموم وتطلعات المواطنين بصدق وموضوعية وحياد ومهنية.وذلك لايتحقق الا بأحترام الدستور والالتزام بمضامنيه، بأعتباره يمثل المرجع لكل القوى والمكونات السياسية والاجتماعية، واختيار الاشخاص الكفوئين والنزيهين والقادرين على تقديم الخدمة، والتكاتف والتازر لمواجهة كل مظاهر الفساد والافساد الاداري والمالي والاخلاقي في مؤسسات الدولة والمجتمع، والتزام الجميع بالاتفاقيات والمواثيق المبرمة، اضافة الى ترسيخ وتكريس مبدأ المشاركة الحقيقية في ادارة شؤون الدولة والمجتمع وفق اسس ومعايير عادلة ومنصفة.وكذلك فأن القوة الحقيقية للدولة تكمن في وضع وصياغة الخطط والمشاريع والرؤى والتصورات المدروسة والعملية والعلمية والواقعية بعيدا عن الارتجال والاجتهادات الخاطئة التي يحكمها المزاج والتجريب وحسابات المصالح الفئوية الخاصة لا المصالح الوطنية العامة. لو تم الالتفات الى هذه العوامل والعناصر والاهتمام والحرص على تطبيقها وترجمتها على ارض الواقع، لانفرجت الكثير من الازمات، وعولجت الكثير من المشاكل، وذللت الكثير من العقبات، وتقلصت الكثير من المسافات بين شركاء الوطن الواحد. ولصينت الكثير من الارواح والدماء العزيزة والطاهرة.
https://telegram.me/buratha