المقالات

الوقاية من الفساد خير من علاجه

744 22:18:00 2011-09-10

فارس حامد عبد الكريم ـ ماجستير في القانون ـ نائب رئيس هيئة النزاهة سابقاً

الحقيقة إن الحكمة من تأسيس هيئات للنزاهة في مختلف دول العالم كما أوصت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد جاء للفصل بين أعمال التحقيق وأعمال تطبيق القانون (القضاء) وهو ما نص عليه أمر تأسيس الهيئة صراحة، والحكمة من ذلك هي إن القاضي وهو يمارس مهامه القضائية وإصدار الأحكام لا يقوم بدور وقائي مباشر وإنما يقوم بدور علاجي، من خلال فرض العقوبة التي تهدف إلى زجر الجاني وردع غيره، وهذه الميزة هي التي ميزت أعمال القضاء عبر التاريخ، بينما الدور الوقائي من الفساد بأشكاله المختلفة هو عمل مؤسساتي ينبغي أن تتولاه هيئة متخصصة تتولى بشكل أساسي وضع خطط إستراتيجية للوقاية من الفساد وتقوم في نفس الوقت بالتحري عن وقائع الفساد والتحقيق فيها وإحالتها للمحاكم المختصة بعد أن تتوافر لديها الأدلة الكافية للإحالة، وفي كل الأحوال يجب أن لا يطغي جانب التحري والتحقيق على الجانب الوقائي في أولويات عملها، لسبب واضح إن مهمات التحري والتحقيق تقوم بها أيضا، أو ينبغي ان تقوم بها كأولويات، جهات رسمية أخرى مثل مكاتب المفتش العام وديوان الرقابة المالية والوزير المختص فضلاً عن هيئات المجتمع المدني المتخصصة والإعلام بوسائله المختلفة التي تعمل من موقع الدعم والتنسيق لهذه الجهات وتقديم المعلومات الموثوق بأسلوب مهني لا بأسلوب خلق الفضائح الصحفية.

والوقاية بشكل عام ما هي إلا عمل مخطط يراد به الإعاقة الكاملة أو الجزئية لوقائع شاذة أو مرضية متوقعة الحدوث في بيئة اجتماعية معينة. كوضع خطط لمنع انتشار مرض معين أو الآفات الزراعية وغير ذلك، أما في نطاق علم الإجرام فان الوقاية من الجريمة تعني وضع الخطط الملائمة لإعاقة بروز جريمة أو جرائم معينة تنتشر في بيئة اجتماعية معينة، وعلى ذات السياق فان وضع خطط وقائية لإعاقة بروز ظاهرة الفساد كظاهرة جريمة بات في الوقت الراهن من أولويات عمل الأجهزة الرقابية وهيئات الرقابة، بل ان بعض هيئات النزاهة في بعض التجارب الدولية تعتبر ان قسم الوقاية والشفافية من اهم أقسامها، وتقوم هذه الأقسام بوضع الحلول الوقائية لكل وزارة أو مؤسسة على حدة مستعينة بمختصين في مجال القانون والعلوم الأخرى ذات العلاقة ومستندة إلى دراسة كل حالة فساد ووضع الخطط التي تلائم مكافحتها.

وعلى سبيل المثال إن بعض الدول تبنت فكرة إنشاء دائرة خدمة المواطن التي تتولى مهمة استلام معاملات المواطنين ويقوم موظفوها بمراجعة الدوائر المختصة لانجاز تلك المعاملات ثم تطورت الفكرة إلى أن تضم هذه الدائرة مكاتب للوزارات المختلفة تتولى انجاز ما يمكن انجازه مباشرة وإذا تطلب الأمر إجراءات داخل الوزارة المعينة فإنها تتولى القيام بذلك وفي كل الأحوال لا توجد صلة مباشرة بين المواطن وموظفي هذه الهيئات وفي الدول المتقدمة بات انجاز معاملات هذه الدوائر عن طريق البريد والحكومة الالكترونية التي تربط جميع مؤسسات الدولة بشبكة عنكبوتيه تتولى انجاز المعاملات وتدقيق الوثائق المقدمة من المواطن وسلامتها من التزوير والانتحال عبر تلك الشبكة وخلال دقائق معدودة.

ومن تطبيقات ذلك ما جرى في الهند في ما يتعلق ببيع الأسمدة لملايين لفلاحين الهنود ففد كانت إجراءات المعاملة محل فساد ورشاوى ومحسوبيات كبيرة وقد يفوت الوقت على الفلاح فلا تصله الأسمدة إلا بعد الحصاد، فتم إتباع أسلوب تقديم المعاملة ودفع الأجور عبر الانترنيت لتأخذ المعاملة تسلساً وتاريخياً يحدده الحاسب الآلي للدائرة دون تدخل الموظفين لتصل الأسمدة إلى المزارع في باب مزرعته في الوقت المحدد بالضبط. وبعد أن كانت المعاملة تستغرق ثلاثة أشهر لا يتعدى الوقت ألان سوى دقائق مع نظافتها من الفساد.

ان الأفكار الوقائية متنوعة ولا يحدها نطاق أو حد معين ودائماً هناك أفكار جديدة مبدعة وخلاقة مادامت هناك رغبة صادقة في خدمة أبناء الشعب وإنقاذهم من براثن الفساد وأهله.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
العراق
2011-09-11
هيئة النزاهة للاسف صارت مثل أمن صدام اللعين الى درجة وصلت الى الموظف عدم العمل وعدم اتخاذ القرارات خوفا من النزاهة حتى وصلت الى ان المدير لا يتخذ قرار ورميه على الموظف البسيط في القضايا الاجتهادية او في قضايا تحتاج الى قرار وخاصة في الوقت الحاضر وأي مشكلة أو شكوى يسجن الموظف أو المدير ويعتبروه متهم الى ان تثبت براءته فبدأ الخوف وخاصة في الوقت الحاضر عدم وجود أمن ولا أمان اغتيالات قتل تهديدات مسؤولين حزبيين كتل سياسية مسؤولين ماذا يصير الموظف البسيط او المدير مع تعدد السلطات لا تقولوا يمشي عدل
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك