صلاح جبر
45 عاماً قضت من حياتي ولا ادري كم بقي من ذلك العمر الذي مرّ ككابوس ! لسان حاله بيت الشاعر الجاهلي زهير ابن ابي سلمى (إلا أيها الليل الطويل إلا انجلي بصبح وما الإصباح منك بأمثلي )وعلى الرغم من سوداوية الأيام التي مرت حتى تغيير النظام عام (2003)عشت خلالها أياما مستنسخة من بعضها البعض! اتصفت بالسرية والكتمان على جرائم لم تخطر على بال ولم تسمع بها إذن ولم ترها عين !! باستثناء من قدر عليه أن يرى ويسمع ويعيش المعاناة، وكان قدري إن احظي برؤية ومعايشة جرائم النظام ! وكنت أعيها ويفضحني صمتي في التعبير عن رفضي برعونة كادت إن تقضي على كابوس حياتي لينتهي وتنتهي تلك المعاناة المفروضة بالعيش مع أناس الحديث معهم يمثل (صيحة في واد)!حتى استسلمت ورافقت أبو العلاء المعري في تجاهله وهو القائل:(ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا تجاهلت حتى ظّن أني جاهل)!انزويت خلالها في دهاليز العراق المظلمة في سبات عميق حتى أيقظتني أصوات جعجعة التغيير متثائباً انظر وأراقب بدهشة حركة التغيير التي بدت لأول وهلة روضة غناء أجمل ما فيها حرية التعبير عن الرأي الذي ظل هاجسي الذي افتقدته طيلة سنين فهرولت للالتحاق بالركب لأجد فيه ضالتي فولجت حياة الإعلام الذي عرفت فيما بعد أنها مهنة المتاعب ! فقلت في نفسي أية متاعب؟! ونحن خبرنا صروف الدهر ورصفتنا الظروف فعدنا لا نبالي بشدة سحق من يسحقنا! وبعد مزاولة المهنة عقد من الزمن تكشفت حقيقة المتاعب لتلك المهنة فالإعلامي بعد ممارسته المهنة (يدمن عليها )! ويصبح من الصعوبة بمكان مفارقة قلمه وحبس آرائه فزفرات آهاته تتحول إلى نار على الورق قد تؤدي بحياته أو يحرقه لهيبها !! والأدهى من ذلك انه قد يضعف إمام ظروف الحياة ومتطلباتها! فيشترى ويباع حتى في موته! فالنخاسين موجودين في كل مكان وسط الساحة السياسية العراقية بعد العام (2003)! وما على الإعلامي إلا إن يشري نفسه ابتغاء مرضاتهم !! وهم يحددون الزمان والمكان لقتله !! وبعد ساعات قليلة يجيشون القنوات الفضائية ويخرجون البوسترات التي هيأها القتلة في ساحة التحرير ليجنوا ثمار شراءهم ثمن دمه !! وتفتقد الحقيقة مرةً أخرى فلا تسمعها إذن ولا يعيها قلب ولا تشاهدها عين كوننا نجهل مزادات الموتى !! .
https://telegram.me/buratha