عادل العتابي
تعلمت ان اكون في الموعد دائما، حتى قال البعض اني انكليزي في المواعيد وهذا يعطي الانكليز سمعة عالمية كبيرة في الالتزام بالموعد، بينما ينام الشعب العراقي ويصحوا على احاديث الرسول الاعظم ( صلى الله عليه واله وسلم) على اهمية الالتزام بذلك ، وان هناك كما هائلا من الاحاديث والاقوال المنسوبة الى ال البيت الاطهار (سلام الله عليهم ) التي تؤكد قدسية الموعد والتعهد والالتزام بهما لان المنافق وليس المؤمن هو من اذا وعد اخلف! اذ ان تلك الاقوال تبين ان من اهم صفات المؤمن هو الالتزام بالتعهد والموعد.كنت قد اكملت اوراق التقديم الى الدراسات العليا لهذا العام في قسم الاذاعة والتلفزيون في كلية الاعلام - جامعة بغداد وعن قناة ذوي الشهداء، اذ اكدت مؤسسة الشهداء بأن اخي الملازم عدنان حسين العتابي هو احد الثوار على نظام البعث، وتم اعدامه مع رفاقه الثائرين وعددهم اثنان واربعين ضابطا في الحادي والعشرين من شهر كانون الثاني من العام (1970) بعد محاكمة صورية برئاسة المجرم طه ياسين رمضان، ايام كانت ايادي البعض ممن يعملون الان في مفاصل مهمة في الدولة وفي الجامعات قد امتلآت بالفقاقيع ( فراكيس ) من كثرة التصفيق لصدام واعوانه وبحرارة كبيرة!كانت اوراق التقديم الى دراسة الماجستير ناقصة وغير مكتملة لورقة واحدة فقط وهي بسبب تاخر حصولي على كتاب عدم ممانعة معنون الى الجامعة من دائرتي التي اعمل فيها تبين فيه عدم ممانعتها لاكمال الدراسة، تاخر ذلك الكتاب لاسباب مختلفة تتعلق بالوقت والروتين، وقبل ان ينفذ موعد التقديم للدراسات العليا قابلت معاون العميد للشؤون العلمية الدكتور سعد مطشر لكي يقبل استلام اوراقي من قبل اللجنة المختصة الا انه رفض ذلك بشدة ملتزما بالتعليمات !بعد ساعات كررت الطلب على الدكتور العزيز الا انه رفض ايضا، وقلت له راجيا ان يستلم اوراقي مع التعهد بتوقيعي بان اجلب كتاب تأييد من دائرتي خلال يومين وفي حال عدم جلب الكتاب فأن اوراقي تعد مهملة، رفض الرجل ذلك ايضا ، قلت وكان ذلك هو الطلب الاخير لي " قد اتمكن من ان احصل على كتاب عدم الممانعة في يوم امتحان المتقدمين للدراسات وهو يوم الثلاثاء المصادف 13-9-2011 ، واتمنى ان ادخل الامتحان وفي وقتها اكون قد اكملت كل اوراقي"قال الدكتور" سأسمح لك بأداء الامتحان اذا اكملت اوراقك" شكرته وغادرت مسرعا لاقف على ابواب الوزارة التي اعمل فيها لمدة يوميين متتالين طالبا مساعدة الاخوة في الوزارة لانجاز الكتاب وفعلا استلمت الكتاب بعد انقضاء يومي الاحد والاثنين 11 و 12 /9/2011 ، فحمدت الله وشكرته على ذلك.حضرت صباح يوم الثلاثاء لاداء الامتحان وبعد البحث طويلا عن الدكتور سعد مطشر بمساعدة اساتذتي في الكلية ايام الدراسة في مرحلة البكلوريوس، وجدته اخيرا في قاعة امتحانية للمتقدمين لدراسة الماجستير وهو يؤدي واجبه في تهيئة كل مستلزمات الامتحان، وبكل تاكيد كان في حال من التعب والارهاق لان هناك اكثر من قاعة امتحانية كان عليه ان يمر عليها جميعا، عند مغادرته احدى القاعات وربما كانت القاعة الاخيرة، تقدمت منه بهدوء وذكرته بما دار بيننا قبل ايام فقال: اسف اذا لم يكن اسمك موجود في القائمة فانك لاتستطيع ان تؤدي الامتحان ! قلت دكتور؟ ... قال اسف! قلت دكتور لقد وعدتني .. ..قال : اسف.لملمت اوراقي وانا اغادر الكلية ودمعة في عيني اذ تذكرت باني تعلمت ان اكون وفيا لتعهداتي مع الاخرين حتى لو كانت تلك التعهدات ان اجلس مع احدهم في مقهى ونلعب الدومينو ...فكيف سيكون موقفي من التعهد اذ ما كان ذلك العهد يخص مستقبل انسان؟ عفوا وزير التعليم العالي فقد اطلت عليك، لكني لن انسى ابدا دكاترة صدام في عهد لم يكن لذوي الشهداء مكانا فيه للدراسات العليا، ايام الزيتوني وايم التزكية من الفرقة الحزبية او جهاز المخابرات وايام كان طالب الدراسات يحضر بزيه الزيتوني ومعه البندقية الالية كلاشنكوف الى قاعة المناقشة ليقدم رسالته او اطروحته وهو يؤشر ب"المرود" الخاص بتنظيف البندقية على اوراق رسالته او على الاستاذة الذين يناقشون تلك الرسالة!
https://telegram.me/buratha