مرتضى العبودي
ليس غريباً أن يتأسس تيار عراقي سياسي جديد يحمل إسم عز الدين سليم ليكون منقذاً للوضع المأساوي العراقي الذي ساهم به وبشكل كبير حزب الدعوة المقر العام ، كذلك هو منقذاً لتاريخ الدعوة الإسلامية الذي شوهته ممارسات الحزب الحاكم حزب الدعوة المقر العام أيضاً.لا يخفى على الجميع بأن عز الدين سليم هو الأبن البار للدعوة الإسلامية ، سليل شهدائها الأكرمون ، زعيم حركة الدعوة الإسلامية التي لم تتشوه أو تتلطخ بألوان الفساد الحكومي ، وهو المفكر الإسلامي الكبير صاحب المؤلفات الهامة في تاريخ الدعوة الإسلامية منذ تأسيسها حتى آخر كتاب ألفه الشهيد عز الدين سليم ناهيك عن كتب التاريخ الإسلامي والسياسي ، لكنه تميز أيضاً بعبوره المرحلة ، فهو القافز على الواقع في طرحه نظرية حكومة الإنسان الواقيعة ، لا الإفلاطونية المثالية ، فقد شخص عز الدين سليم الواقع المر الذي رزح تحته العراقييون من قمع وإرهاب قام به أعضاء حزب البعث العفلقي المقبور وأجهزة حكومته من أجل إجهاض أي نهوض لأي حركة معارضة فكانت السجون تعج بالمفكرين الإسلاميين وبكل أنصارهم كذلك هو الحال مع اليسارين من الشيوعيين العراقيين بدون إستثناء ، فهو قارىء ممتاز لذلك الواقع مرحلة بمرلحة ، فماذا حدث للعراقيين في ظل حرب ضروس أكلت الأخضر واليابس دامت ثمانية سنوات؟ كم من الدماء سفكت على جبهات القتال وفي السجون والأمكنة التي أعدم فيها المعارضون لسلطة المجرم المقبور صدام وكم هي عدد المقابر الجماعية والمجازر التي أرتكبت في المدن بحق المدنيين العزل الأبرياء؟ وما صاحب ذلك الجو المليء برائحة البارود والجثث من دمار نفسي للمواطن العراقي وهدر لخزينة الدولة وتأخر في التنمية والبناء وتدني في المستوى العلمي والحضاري ، فبينما الدول النفطية كانت تبني بلدانها في سنوات الثمانينات كان الشعب تحت رحمة جلاد مجرم يخوض حرباً قتل فيها أكثر من مليون شاب عراقي ، وما إن حطت الحرب أوزارها حتى قام المجرم الدكتاتور بمغامرة غزوه الكويت فاتحاً الباب الواسع أمام من دخلوا الكويت للسرقة فكانت مدرسة مفتوحة لأخلاقيات وقيم ساقطة حاول زرعها في نفوس الكثير من العراقيين، والمضحك إن هناك من يصدق إن صدام قد قرر ذلك لوحده!!! ولوحده أيضاً قرر مواجه جيش أكبر تحالف دولي!!! ثم لوحده قرر الموافقة على وقف الحرب والتصدي لقرارات مجلس الأمن الدولي التعسفية ، لكننا خسرنا في مغامرته الرعناء مرتين ، الأولى حدودنا ، والثانية مئات الآلاف من الجنود العراقيين ، ثم حصدنا جوع لمدة ثلاثة عشر عاماً في أكبر وأطول حصار إقتصادي عالمي على دولة العراق ، حصار جوع الملايين ، تشوهت روح المواطن العراقي فيه وتآكلت قيمه العراقية الأصيلة ، وبعد أن حررنا الغزاة الأمريكان من الدكتاتور صدام وذلك بضرب العراق بما تبقى من ذخيرة حرب 1991 مستخدمين الأسلحة المشععة المميتة سيطر الجنود الأميركان على المنشآت النفطية بحجة حمايتها تاركين الجموع تنهب الوزارات الأخرى وكل والمتاحف العراقية ، أي تكملة لحلقة غزو الكويت!!!إذا ليس غريباً أن يشيع فساد إداري ليس له مثيل من قبل في مؤسسات حكومات ما بعد التغيير ، فالمواطن ضربت قيمه وتهدمت أركان روحه العراقية النبيلة ، فجاء طرح الشهيد عز الدين سليم تماماً في جوهر الواقعية والحاجة العراقية الملحة فكان تنبؤاً بما حصل ومحاولة للتسريع بالحل ، فقد تعامل مع الأمر بكل واقعية وعلمية مفكر أصيل ، أنه بناء الإنسان أولاً ثم تأتي حكومة الإنسان المنتخبة من قبل إنسان واع بناء وهذه الحكومة هي التي ستبني دولة الإنسان ، الإنسان بل إنتماءاته الفكرية وخلفياته العرقية ودياناته التي يعتقد بها.وليس غريباً أن يقتلوا عز الدين سليم وهو في أعلى هرم السلطة ((رئيس مجلس الحكم أنذاك بمثابة رئيس دولة وصاحب القرار الأعلى)) ، والسؤال هو من قرر ونفذ هذه الجريمة؟ بكل تأكيد هم المجرمون أيضاً!!! أن يقتل عز الدين سليم يقتل بناء المواطن ، وتهمش حركة الدعوة التي كان يتزعمها ، وهو القافز على أفكارها التقليدية ، ومصححاً المسار بالواقعية العراقية.هذا هو فهمي الأولي لأطروحة حكومة الإنسان ، لكن ماذا عن تيار عز الدين سليم الذي أخذ بالنمو السريع كزرع الموسم في دول المهجر أو في داخل المحافظات العراقية على السواء؟تيار عز الدين سليم هو القافز فكرياً وسياسياً أيضاً ، فهو من جه مشروع لتطبيق مبادىء حكومة الإنسان التي نظر لها الشهيد عز الدين سليم كما وضحناها أعلاه ، ومن جه ثانية مشروع سياسي يتجوهر في البحث عن الهوية العراقية المطمورة جغرافياً وتاريخياً. فهو يريد إعادة بناء المواطن وإرجاع قيمه التي نقول إنها تضررت ولم تضيع بعد ، ومواكبة التطور الإنساني ، وبناء حكومته المنشودة حالها حال حكومات الدول التي تنعم شعوبها بالحرية والأمان والرفاهية والسعادة ، على الأقل لا يموت الإنسان فيها حزين ، على الأقل هناك فرصة وهناك أمل وهناك تطور وبناء ، وتفكير وخطط للمستقبل ، فلمذا لا يحق لنا نحن العراقيون يا من علمنا العالم وأخترعنا الكتابة الأولى وأسسنا العلوم وأول من بنى المدارس والجامعات ، ألا يحق لنا أن نكون؟ لماذا أراضينا أكلها التصحر ومدننا متأخرة في البناء وينخر مؤسساتنا الفساد؟هذا ما يريده التيار الجديد من حكومة الإنسان ، أما سياسياً فهو الدفاع عن جغرافية هذا البلد الذي إعتدت عليه البلدان الأخرى فأقتطعوا أجزاء كبيرة منه ، أليس لهذا البلد القديم جغرافيا واضحة المعالم أنه بلد الحضارات الأولى بلد ما بين النهرين ، بحدوده ومياه نهريه العظيمين تتوضح معالمه وحقوقه التي سيدافع عنا أبناء الرافدين.إذاً ليس بالغريب أيضاً أن يكون هذا الكيان الجديد فكري يبحث في نفسه وهويته ويسعى لبناء إنسانه الداخل ويبني دولته المنشودة بلاد ما بين النهرين العظيمة دولة العراق وعاصمتها بغداد شمس المشرق وبوابة الضوء. وليس غريباً أن ينضم في لواءه مئات الآلاف في المستقبل القريب ويحصد ملايين الأصوات في الإنتخابات القادمة.
https://telegram.me/buratha