محمدعلي الدليمي
فصل الدين عن الدولة(الكنيسة والحكومة) وعلاقته بالنظرية العلمانية.قبل الحديث عن هذه النظرية بتفصيل وإسهاب علينا تحديد منطلقات هذه النظرية ،ومن تستهدف وهل ان الدين الإسلامي معني بها أم ان خصومها غيره ،وما حققته من تقدم على الأديان الأخرى وخاصة الكنيسة أريد ان يترجم ضد الإسلام وهَما والناجم عن عدم فهم أصحاب هذه النظرية لحقيقة الإسلام ،كقائد ومنظم للحياة المدنية كعامل عملي،وأما من الناحية النظرية ربما يمكن القول بان أكثر النظريات تطرفا في خصوص فصل حدود الدين عن السياسة هي نظرية (الملكان)الذي طرحها(( مارتين لوثر)).ويمكن إيجاز نظريته في هذا الخصوص بما يلي يجب ان يحكم إنجيل الله في إطار الكنيسة,ويحكم قانون شريعته في إطار الحكومة. فإذا أردنا ان ندير الكنيسة بالقانون الديني أو المجتمع بالإنجيل يضطر الناس ان يسحبوا القانون والضوابط الى دائرة اللطف والفيض الإلهي,والمشاعر والعواطف الى دائرة العدالة(الاجتماعية),الأمر الذي يسلب الله في نهاية المطاف كرسي سلطته ويضع الشيطان في مكانه.وعلى الرغم من ان عقائد لوثر الإصلاحية حافظت من الناحية العملية على علاقاته وأواصره مع النظم الاجتماعية وتحولت الى دين رسمي في ألمانيا والدول لاسكندنافية ذات الأكثرية إلا انه في كثير من المناطق تولى الأمراء عمليا الإشراف الذي كان الأساقفة الكاثوليك يقومون به سابقا.وبذل جان كالفن جهودا نظرية اقل في مجال الفصل بين حدودي الدين واللادين,وكان يعتقد ان حكومة جنيف يجب ان تتحول الى حكومة دينية يحكم فيها القديسون وان يقوم المجتمع الإلهي الموعود على أساس شريعة الله كما اوحي في الكتاب المقدس,ولم يكن أي من أجزاء الحياة الاجتماعية أو المدنية من البعد أو الادينية أو عدم الأهمية بحيث يمكن سلخه عن دائرة الأشراف أو المقررات.إننا نرى معنى اللادينة في التاريخ السياسي والديني القديم للشرق غير الإسلامي أوضح الى حد ما,وأكثر شفافية من معنى الحكومة الدينية,ذلك ان مفهوم فصل الدين عن الحياة الدنيوية والسياسة والعلم أكثر وضوحا من مفهوم حكومة الله في المجتمع لان عدم تدخل الدين في الحياة السياسية والاجتماعية الدنيوية,واستناد إدارة الأمور وتوجيه الحياة الفردية والجماعية الى الإنسان نفسه,كل ذلك كان مفهوما واضحا لا يواجه الإنسان مشكلة في فهمه واستيعابه.في حين يعتبر مفهوم الحاكمية الإلهية في المجتمع مفهوما غامضا للاحتمالات الموجودة في معانية,ونشير فيما يلي الى احتمالين حول مفهوم المذكور:الاحتمال الأول:- ان جميع المسئولين السياسيين والعلميين والثقافيين والاقتصاديين والقانونيين في المجتمع يتلقون حقائق الأمور من الله تعالى مباشرة عن طريق الوحي أو الإلهام. ولكن هذا الاحتمال غير صحيح بأي وجه من الوجوه, لأنه لم يثبت أولا بان مسئولي المجتمع (غير الأنبياء المعروفين الذين تلقوا حقائق الدين من الله عن طريق الوحي وبلغوا الناس به)أدعو نزول الوحي عليهم. وثانيا لوان الوحي نزل عليهم في إدارة شؤون المجتمع لما حدث بينهم أي اختلاف وتصادم, في حين حدثت خلافات ونزاعات كثيرة بين مسئولي المجتمع.الاحتمال الثاني: نتيجة التهذيب والتطهير الداخلي يعيش المسئولون السياسيون حالة شهودية خاصة فيتلقون الواقعيات من الله سبحانه ويطبقونها في حياة الناس.ولكن من البديهي ان مسئولي المجتمع ـ وفضلا عن الاختلافات فيما بينهم ـ ارتكبوا أخطا لا يمكن صدورها من الله تعالى. يتبع الحلقة الرابعة...
https://telegram.me/buratha