محمدعلي الدليمي
العلمانية وأزمة الهوية...من المنظور الإسلامي,من الخطأ ان يشار الى النظرة العالمية للإسلام على أنها نظرة الإسلام الى الكون,ذلك لان النظرة العالمية أو النظرة للعالم في الإسلام,بخلاف ما تنقله كلمة (نظرة)من معنى,ليست قائمة على التأمل الفلسفي الناشئ بالدرجة الأولى من ملاحظة معطيات الخبرة الحسية ومما هو مرئي للعين,ولا هي مقتصرة على الكون الذي هو عالم الخبرة الحسية وعالم الأشياء المخلوقة.وإذا كانت هذه المعايير مستعملة ألان في اللغة العربية في الفكر الإسلامي المعاصر, فأنها تعني إننا واقعون بالفعل, ودون مبرر, تحت تأثير التصور العلمي الغربي العلماني الحديث الذي ينحصر في عالم الحواس والخبرة الحسية التي تدرك بالحواس.وكما أسلفت فان الإسلام لا يوافق على الفصل بين المقدس والدنس أو الروحي والدنيوي,لان النظرة الإسلامية للعالم تشمل الدنيا والآخرة التي يجب ان يرتبط فيها المظهر الدنيوي ارتباطا عميقا وثيقا بالمظهر الأخروي, والتي يتمتع فيها المظهر الأخروي بأهمية نهائية حاسمة,وينظر الى المظهر الدنيوي على انه تهيئة للمظهر الأخروي,فكل شيء في الإسلام يرتكز في الجوهر على جانب الآخرة دون ان يتضمن ذلك إي إهمال أو إغفال للمظهر الدنيوي.وليست الحقيقة هي التي كثيرا ما تعرف في المعاجم العربية الحديثة بـ (الواقعية) التي يشيع استعمالها ألان,ولا سيما بصيغتها الصرفية(واقعي). والحقيقة نادرا ما تستعمل ألان بسبب الانشغال بالواقعية.والحدوث الحقيقي للشيء مظهر واحد فقط من مظاهر متعددة للحقيقة التي يشمل مداها كل واقع أو شيء حقيقي, كذلك فان الحدوث العملي قد يكون تحقق شيء زائف, بينما تمثل الحقيقة تحقق شيء صحيح دائما. إذن فالمقصود(بالنظرة العالمية أو النظرة للعالم)طبقا للمنظور الإسلامي هو رؤية الحقيقة والصدق الذي يكشف لعين عقلنا كل ما يتعلق بموضوع الوجود,لان عالم الوجود بكامله هو ما يطرحه الإسلام.والرؤية الإسلامية للحقيقة والصدق,والتي هي نظرة ما ورائية (ميتافيزيقية) لكل من العالم المرئي وغير المرئي بما في ذلك النظرة للحياة ككل,ليست النظرة للعالم التي تتكون فقط من تجميع مختلف الأشياء والقيم والظواهر الثقافية ضمن تماسك مصطنع, كما أنها ليست النظرة التي تتكون تدريجيا من خلال عملية تاريخية للتأمل الفلسفي والاكتشاف العلمي,والذي يجب بالضرورة تركه دون تحديد. ومفتوحا أمام التغير والتبديل المتوافق مع النماذج والصيغ التي تتغير حسب الظروف المتغيرة.
https://telegram.me/buratha