اسعد الراشد
خطاب" الصحوة الاسلامية " في ظل الثورات العربية الامريكية !
مفارقات عجيبة في ظل تصاعد خطاب "الصحوة الاسلامية " الذي يتزعمه نظام الجمهورية الاسلامية بقيادة الامام الخامنئي حيث في الوقت الذي تشتد فيه هجمة "الثورات العربية الامريكية" ضد انظمة هي راعية لمصالح الغرب والولايات المتحدة في ذات الوقت يشتد فيه خطاب الصحوة على لسان الزعماء والقادة المحترمون في الجمهورية الاسلامية ‘ خطاب لا يخلوا من مصداقية في جزء منه من حيث ان الشعوب العربية تحمل بداخلها وفي العقل الجمعي المسلم حالة الصحوة الاسلامية تلك الحالة التي لم تفارقها منذ بداية السبعينات وحتى يومنا هذا ‘ والمفارقة هي التركيز والتأكيد من قبل اخوتنا في الجمهورية على ان ما يجري هي "صحوة" رغم اعتقادنا ان الصحوة هي قائمة بذاتها وان الشعوب تعيش اليوم مرحلة متقدمة في الوعي السياسي والمجتمعي تجاوزت حالة الصحوة لتصل الى نقطة اللاعودة في قرارها بكنس الانظمة المستبدة الكسيحة والتي غدت تشكل اليوم عالة وثقل حتى على القوي الغربية الراعية والحامية لها .ارضية الثورة في بلدان العرب كانت وما زالت قائمة والاجواء كانت في تلك البلدان التي اسقطت فيها الانظمة المستبدة كنظام بن علي وحسني مبارك وبنسب معينة نظام قذافي مهيئة للثورة والتغيير وقد كان الغرب والامريكان مدركون لهذه الحقيقية وكانت تصلهم تقارير واضحة ومفصلة عما يختلج في نفوس الشعوب وعن خطر تفجر احداث وثورات دامية قد تهدد بزوال مصالح الغرب وامريكا ولهذا عجل الغربيون والامريكيون في تفجيرها قبل ان تنفجر لحالها وتكنس الجميع من طريقها لا تستثني لا الانظمة المستبدة ولا تلك الراعية لها كالولايات المتحدة الامريكية ومجموعة من الدول الغربية ‘ وقد استغلت شعوب اخرى الظروف الثورية وانشغال الاعلام العالمي والعربي بخطاب "ربيع الثورات العربية " لتثور على حكامها دون ان تنجح في ذلك لعدم وجود قرار بنجاحها رغم اصرارها على الاستمرار في الثورة بعيدا عن اجندة الغرب وامريكا كثورة اليمن وثورة البحرين المظلومتين ‘ وبالطبع هناك اجندة اخرى تدخلت في الوسط ودخلت على خط تهييجها و تصعيدها في مقابل الاجندة الامريكية التي نجحت في تجيير واحتواء بعض الثورات لصالحها كثورة تونس ومصر واخيرا اعتقد ان الثورة الليبية على ذات الطريق .
بالمناسبة يجدر هنا القول ان الجمهورية الاسلامية قامت بتشكيل مؤتمر في طهران تحت عنوان "المؤتمر الدولي الاول للصحوة الاسلامية" ‘ خطوة نادرة وايجابية وقمة في الذكاء في ان تستطيع ان تجمع اكثر من الف شخصية من علماء ومفكرين واساتذة ونشطاء سياسيين من مختلف الاطياف والمذاهب والاحزاب حول طاولة واحدة تتصدرهم اسماء معروفة ذات اوزان ثقيلة ‘ وكما قلنا ان المفارقة هنا قد تمثلت في خطاب "الصحوة الاسلامية" هذا الخطاب الذي رفضه بشكل مؤدب وباسلوب حاذق الشيخ الازهري الذي القى خطابا مختصرا في المؤتمر المذكور معتبرا ان مايجري ليس صحوة اسلامية وانما ثورة ضد الظلم والاستبداد وقد اشتركت فيها كافة اطياف المجمتع ومن مختلف الاديان والاتجاهات السياسية !
وسواءا اختلفنا او اتفقنا على ظاهرة "الثورات" في العالم العربي وعلى التسمية فان ما جرى حتى يومنا هذا في بعض البلدان العربية من ثورات هي "ثورات امريكية" بامتياز وببهارات (توابل) شعبية قادتها مجموعة الاعلام العربية وفضائيتها خاصة فضائية المشروع الامريكي "الجزيرة" والتي لعبت دورا بارزا في تصدر الثورة التونسية ونجاحها ومن ثم الثورة المصرية ومن بعدها الثورة الليبية ‘وابرزت وبخجل وبادارة ذكية ثورة اليمن المظلومة وتجاهل واضح وبخبث الثورة البحرانية ‘ اما في سوريا فهي الثورة الوحيدة المصطنعة التي تم طبخها على نار امريكية تبناها خليط من التوابل الاعلامية وبقوة قناة الجزيرة ومن بعدها العربية وقنوات اخرى تدور في الفلك السعودي رغم اعتقادنا الواضح بوجود نظام فاسد في سوريا وبغياب العدالة والحرية المطلوبة لادرارة شعب كشعب سوريا .
اذن خطاب الصحوة الاسلامية هو خطاب في جانب منه صحيح كون ان الثورات حدثت وتحدث في بلدان اسلامية الا ان الصحيح ايضا ان كل تلك الثورات خلت من اي شعار اسلامي ولا يافطة تشير الى هويتها الاسلامية بقدر ما انها كانت تتموضع حول شعار واحد "الشعب يريد اسقاط النظام"! اي هوية وطنية ومطالب حقوقية اساسية منه حق تغيير النظام ‘ بالطبع هذا لا يعني اننا بالضد من رفع شعار "الصحوة الاسلامية" ولا اننا ضد تطبيق احكام الدين والشريعة بل هذا الامر قد يكون من تحصيل حاصل خاصة وان شعار اسقاط النظام القائم لن يتم الا باقامة نظام بديل يحقق العدل والمساواة والحرية للجميع وفقا لمبادئ الاسلام الصحيح وغير المتشدد والمتطرف كما قال في حديث لرئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل حيث قال "ان مصدر التشريع ( في ليبيا ) سوف يكون هو الاسلام" ..والشيء الوحيد الذي لم يشر اليه المراقبون في خضم الحديث عن خطاب "الصحوة الاسلامية" ان التنافس والصراع يجريان بشدة بين بين قطبين ندين وهما القطب الايراني الذي استطاع بذكاء ووعي متقدم تحييد عدد كبير من الثورات والشعوب سنة وشيعة عن مشروع " الثورات العربية الامريكية" وبين القطب "الاوروامريكي" الذي اراد ان ويريد خلق ثورات قبل اوانها واحتوائها قبل انقلابها !
https://telegram.me/buratha