مقال للكاتب والإعلامي قاسم العجرش
قبل فترة من الزمن ربما قبل شهور قليلة، عرضت إحدى القنوات الفضائية التلفزينية تقريرا متلفزا عن واقع المدارس الطينية في العراق، وجاء في التقرير أن في البلاد مالا يقل عن ألف مدرسة بنيت من الطين معظمها في مناطق بالمحافظات الجنوبيةوحسب إحصائية لوزارة التربية فان عدد المدارس المشيدة بمادة الطين في عموم العراق هو 1012 مدرسة ـ في الديوانية وحدها على سبيل المثال يوجد (75) مدرسة طينية و (25) آخرى آيلة الى السقوط!!... وعرض التقرير الذي أعد إعدادا جيدا، حال إحدى المدارس الأبتدائية في قرية من قرى واحدة من محافظاتنا الجنوبيةوفيها حال للتعليم هو الأغرب على القشرة الأرضية من شرقها الى غربها ومن شمالها الى جنوبها, الوضع لمن فاتته المشاهدة كما يلي بلا إضافة أو تعليق: المدرسة عبارة عن ثلاث حجرات بنيت من طين، وسقفها من أعواد سعف النخيل.. ولأن الدراسة الإبتدائية تعني أن هناك ستة صفوف تبدأ من الصف الأول وتنتهي بالصف السادس، ولأن المدرسة متكونة من ثلاثة حجرات طينية، فقد وجد المعلمون ومديرها أن لا حل أمامهم إلا بأن يجمعوا كل صفين في حجرة واحدة! فجمعوا الصف الأول والثاني في حجرة!! والثالث والرابع في أخرى!!! والخامس والسادس في الثالثة!!!! ـ كم علامة تعجب رصدتم لحد الآن؟!..ووضعوا طلاب كل صف في جانب من الحجرة, كما قسموا بالطباشير السبورة الى نصفين طولا، كل نصف يكتب عليه لصف! وقسموا مدة الدرس البالغة أربعين دقيقة الى فترتين كل فترة عبارة عن عشرين دقيقة, ووضعوا جدولا للحصص هو الأغرب!: درس الجغرافية للصف الخامس مع درس الإنكليزية للصف السادس! درس القراءة أي اللغة العربية للصف الأول الأبتدائي مع درس الحساب للصف الثاني الأبتدائي..! في هذا التقرير المتلفز تحدث المدير و المعلمين بشجاعة عن مشكلتهم بلا خشية عقوبة أو تأنيب وزارة او مدير تربية, لأنه ببساطة ليس هناك أسوأ مما هم فيه، وكنا نرى في عيون التلاميذ ـ صبيانا وبنات ـ ألما مريرا وشكوى بصمت بليغ إليه تعالى ليس بينهم وبينه حجاب, وهو الجبار الذي يمهل ولا يهمل، وهو الجبار الذي أطاح بكل الذي أصيح بهم، وليس صعبا عليه جل في علاه أن ينتقم لمن أسكن أبنائنا وبناتنا في مدارس الطين فيما يتنعم هو في قصر دجلوي ـ نسبة الى دجلة ـ!!...
كلام قبل السلام: شكرا لدولتنا الديمقراطية الرشيدة على إبقائها مدارس الطين قيد الأستخدام، كتذكار للماضي السحيق!!...سلام....
https://telegram.me/buratha