بقلم ابراهيم الجبوري
إعـــلام للفــتنة ... وآخر للسلــطــــة بقلم ابراهيم الجبوريشهد العراق منذ سقوطه في دوامة الاحتلال الامريكي وغياب الدكتاتورية البعثية عن مشهد الحكم فيه ، فوضى غير مسبوقة شملت كل مفاصل الحياة فيه الاجتماعية والسياسية وقطاعات الامن وادارة الدولة والاعلام .... ولعل ما يهمني ان اتناوله اليوم هو الانفلات الاعلامي الذي نشهده خصوصا مع دخول عصر الفضائيات ... والحيز الكبير والتأثير الواسع الذي من الممكن ان تحدثه وتشغله في المجتمع العراقي و في العراق ان هناك عددا كبيرا من القنوات التي ظهرت واخذت حيزا كبيرا من المشاهدة والتأثير في المشهد السياسي العراقي .
وعلى الرغم من هامش الحرية الكبير الذي تمتعت به هذه القنوات والاستقلالية المعنوية والمادية الى حد ما ... الا انها للاسف لم تستطع في معظم اوقاتها وبرامجها ان تخرج من عباءة كونها تابعة او ممولة من الحكومة او احد الاحزاب الحاكمة او ممن هم محسوبون على طائفة او جهة معينة وبالرغم من اقرارنا باحقيتها في الترويج لجهة تمويلها ولكن على ان لا يتعارض ذلك مع مصالح البلد ووحدة شعبه وارضه ولحمته الوطنية والدينية ، وبالتالي فأن انحرافها سوف ينعكس سلبا على المواطن والمشهد السياسي العراقي بشكل عام ، حتى اصبحت بعض هذه القنوات جزءا من الصراع السياسي والتخندق الطائفي والحزبي الذي عشنا فصوله المؤلمة في مرحلة من المراحل التي نتمنى ونأمل ان لاتعود مجدداً.
ان المهنية وامانة القسم الاخلاقية والوطنية تحتم على الجميع ان يتعامل مع الحدث بروح المسؤولية تجاه الارواح والممتلكات ومراعاة دماء ابناء الشعب العراقي التي يمكن ان يتسبب الاخلال في شروط واخلاقيات العمل الصحفي بالكثير منها بسبب النزعة العصبية والقبلية لدى البعض وانجرارالبعض الاخر خلفهم ... وبالتالي يجب مراعاة كل ذلك في نقل الخبر او تداوله او التعاطي معه سواء عبر الاعلام المرئي او المقروء.
واليوم وبعد ان شهدنا انحسارا كبيرا خلال الفترة الماضية لمثل هكذا اعلام يقتات على دماء العراقيين الابرياء ويعتاش على ما يتم الحصول عليه من اموال خارجية لتنفيذ اجنداتهذا الطرف او ذاك في البلد ... نجد وانه للاسف لايزال البعض يراهن على الفتنة الطائفية واباحة الدم العراقي للقتل ... وخصوصا الاعلام المحموم والمسموم الذي سعى ويسعى الى تأجيج نار الفتنة وخلق اجواء مشحونة من خلال نقل الاكاذيب وتضخيم الحدث والسعي الى استضافة اصحاب النعرات العصبية والقبلية ومن ركنوا على الرف ... او يعتاشوا على حالة الفوضى والبلبلة والتناحر بين ابناء الوطن الواحد ....
ومن يتابع هذه القنوات سيجد انها تمارس دورا لا وطنيا ولامهنيا في كثير من القضايا والاحداث التي تهم المواطن العراقي واتضحت هذه النوايا بشكل كبير من خلال التعاطي مع حادثة جريمة الارهاب الاعمى بقتل الابرياء في النخيب والتمثيل بجثثهم وما تبعها من فوضي وتخبط سياسي وامني ... يوضح بشكل كبير عمق المأزق الاخلاقي والمهني التي تعاني منه الحكومة تجاه ابناء الشعب العراقي وحفظ دماء ابناءه وضعفها وعجزها الواضح في حمايته.
وكذلك عبرت الحكومة عن عجزها في معالجة التداعيات بشكل واقعي وعملي على الرغم من ارهاق ميزانيتها بوزارة متخصصة تدعى وزارة المصالحة الوطنية ... وايضا عجز الحكومة الواضح عن تحجيم تلك الابواق المأجورة والتي سعت بكل جهدها لعودة المليشيات والسلاح الى الشوارع في مشاهد للقتل من جديد ... وعلى الرغم من ان هذه القنوات خالفت كل ضوابط وقوانين العمل الصحفي والمهني من خلال دعمها المطلق للارهاب وتحويلها الارهابين الى ضحايا والشهداء والمذبحون الى جلادين وقطاع طرق ... من اجل اعادة العراق الى مربع لا نريد له العودة ابدا ...ان المطلوب من كل المثقفين والمخلصين والمنصفين من ابناء الوطن ان يقفوا بوجه مثل هكذا محاولات خسيسة ومدفوعة الثمن تحاول ان تتتأجج الاوضاع الامنية وتسترخص الدم العراقي وتعيد الاحتقان والصراع بين ابناء العمومة والاخوال وتصور الوضع على ان هناك قبولا من طائفة معينة بالقتل وتشفي من ابناء طائفة اخرى بمن تم القبض عليهم من ابناء الرمادي ... اننا لاننكر ان العراق الان لايملك مقومات الحكومة القادرة على حماية ابناء شعبها ولا هي مخلصة بالمحافظة والحرص على دمه بقدر حرصها على مصالحها الخاصة وتغطية فسادها ومفسديها ، وألا هل يعقل في بلد هو ساحة للارهاب والقتل ان لا يكون فيه قادة امنيين يتقلدون مناصب وزارة الدفاع والداخلية بعد مرور اكثر من سنة على تشكيل حكومـــة اللــغـافــة الوطنية ؟؟؟
لا امل لنا الا بابناء العراق الشرفاء الذين هم الاحرص على وطنهم وبلدهم وابناء شعبهم وهم القادرين على ان يقفوا بحكمة العقلاء وشيوخ العشائر الاصلاء بوجه كل هذه المخططات المشبوهة ... وعلى كل الاعلام والاعلاميين سواء المرئي منه او المقروء والمسموع والشبكات الالكترونية ان يتكاتف من اجل العراق ومن اجل حفظ دماء ابناءه والوقوف صفا واحدا بوجه الاعلام الرخيص الذليل للمال والاجندة الخارجية .
ومثلما هناك اعلاما مشبوها يحرض على العنف ... فأن هناك اعلاما اخر يجب التصدي له وكشف زيفه وهو اعلام السلطة الذي يسعى الى تضليل المواطن والتغطية على جرائم الفساد ونهب المال العام والعجز عن تقديم الخدمات والتي تسعى هذه القنوات لتكريسه من خلال حجب الحقيقة عن المواطن ومحاولة خداعه ... ان الحرية والامانة الصحفية تتطلب الوقوف مع المواطن لانه هو المتضرر الوحيد من كل ما يجري من صراع السلطة والفساد والوهن والضعف الحكومي والوقوف الى جانب المواطن وابناء الشعب لايعني بالضرورة معارضة الحكومة بقدر ما يقوم من اداءها ويساعدها على تحمل مسؤولياتها والخروج من دائرة اعلام البعث الصدامي الذي كان عبارة عن بوق حق وباطل للسلطة وقائدها الضرورة .
فهل سيعتذر اعلام السلطة للشعب عما اقترفه بحقه ويعدل من مساره ليكون مع الشعب والمواطن وعينا للاصلاح للاداء الحكومي ؟؟؟ وهل سيصحوا ضمير دعاة الفتنة واعلامها الهدام والمحرض ويعودا لاحضان الوطن ويساهموا في حماية دماء ابناءه ؟؟؟ اللهم اني بلغت ... اللهم فأشهد ابراهيم الجبوري
https://telegram.me/buratha