الإعلامي....علي العزاوي
يفترض ان البلد اليوم يدار بنظام دولة المؤسسات وان هناك فهم حقيقي وفرز لفظي ومعنوي مابين معنى الدولة والحكومة،وما أكثر ما شهدنا وربما سنشهد ولو للتاريخ فقط،ان منصب الوزير هو منصب سياسي يعتمد على إدارة الوكلاء والمستشارين والخبراء،وطبعا هذا الحديث عند وجود المعترضين عن تنصيب وزير من الوزراء وهو يفتقد للكفاءة والمعرفة والتخصص في مجال الوزارة التي يشغلها،إما في غيرها من الظروف فيتحول الحديث عن دفع الكفاءات (الدونقراط)في شغل مفاصل الحكومة والجميع يصرخ ،بعيدا عن المحاصصة والمحسوبية،والحقيقة هي خلاف ذلك كليا،و الإصرار على ترك الوزارات الأمنية شاغرتا أو تدار بالوكالة لم يأتي من فراغ أو حسن نية أو أزمة ضيقة فقط متمثلة بالأسماء المقدمة وكفأتها، والواضح ان الأمر اعقد من ذلك بكثير،ولاسيما بوجود الإصرار على عدم حسم هذا الملف مما يؤكد فعلا بان الموضوع مرتبط بتحديد رسم الخارطة السياسية للبلد ،فقانون الغابة هو السائد و يقول العيش لمن هو أقوى،وقانون السياسيين يقول لا صديق ولا عدوا دائم في العمل السياسي،وبصراحة فالأمور تعقدت من اجل مكاسب رخيصة لأفراد معدودين،و الضحية الوحيدة كسابق الأزمنة الغابرة هو المواطن المسكين،فلا تغليب لمصلحته أمام مصالح وصراعات المتسلطين الساعين للاستفراد بحكم البلاد وإقصاء الخصوم،وبأي طريقة كانت، فمن مصلحة البلد ومن يدعون أنهم سياسيون يريدون ان يخلدهم التاريخ بالذكر الحميد،لا ان يلعنهم كمن سبقوهم ، هو التفات الى مطالب شعبهم وكفاهم سعيا خلف مصالحهم التافه،واحد أهم تلك الخطوات التي أصبحت واجبة هو بناء قواته الأمنية على حسابات غير سياسية مغلبة المصلحة العليا للوطن ومتجردة عن أية محاوله للسيطرة على هذه المؤسسة والتي يجب ان تبقى مستقلة مهما جرى ويجري،فلا يوجد حديث متشابه عند السياسيين وخاصة من يعبر عنهم بالقيادات في قوائمهم ألا عند الحديث عن بناء قواتنا ومؤسساتنا الأمنية المستقلة والغير المتحزبة..ومن الضروري تحيد المؤسسة العسكرية وأبعادها عن الصراعات السياسية وجعلها تتمتع بالاستقلالية والمهنية لتمارس واجباتها بالدفاع عن الوطن و حياته المهددة بالقتل أو التشريد، فأصبح التصديق بنظرية استقلال المؤسسات الأمنية أمر مستحيلا لا يمكن لأي عاقل ان يتصوره و ان ما أسسه المتناوبون على رئاسة حكم البلاد هو عرف سيء سيعمل عليه كل من يصل لراس الحكم..ليتحول الصراع الى أحقية الجهات بعقد صفقات التسليح وخاصة المهم منها ،لتحصر بيد أشخاص محدودين ينتمون الى كتلة الحزب الحاكم،ولا يسمحون ان تفتح تلك الملفات إمام أنظار مجلس النواب العاجز كليا،والذي أصبح هو الأخر جزء من هذه الصفقات الفاسدة والفاقدة للمعايير والمواصفات العالمية المماثلة في تسليح الجيوش في المنطقة،والتي لم تراعي بالحسبان حجم المخاطر التي تهد العراق وشعبه الناجم عن فارق التسليح مع العصابات الإرهابية الساعية لفرض لغة العنف والدماء على ارض بلاد الرافدين..
https://telegram.me/buratha