فراس الغضبان الحمداني
مازلت أتذكر تصريحا خطيرا لجيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس بوش الأب وهو يهدد صدام حسين في حرب الخليج الثانية حين قال بان الضربات الأمريكية القادمة ستعيد العراق إلى عصور وقرون الظلام وفسر خبرائنا آنذاك هذا التصريح بأنه يقصد تدمير البنية التحتية العراقية وجوهرتها الطاقة الكهربائية .
لم نكن ندرك الأبعاد المأساوية لتدمير البنية التحتية وفي مقدمتها محطات توليد الطاقة الكهربائية وكنا نأمل ونحلم بان سقوط النظام عام 2003 واعادة السلطة والثروة الى الشعب بأنها ستؤثر على نهضة حضارية وانبعاث جديد لبنية الدولة العراقية واسترجاع حقيقي لطاقتها الكهربائية التي ترتبط بها حركة الإنتاج في كل قطاعات العمل وتتأثر بها كل تفاصيل الحياة اليومية للإنسان العراقي خاصة ونحن نعاني من موجات حر شديدة لا يتحملها بشر على ظهر هذه المعمورة .
ولا يبالغ من يعتقد إن غياب التيار الكهربائي يؤدي إلى الانهيار الاجتماعي والعديد من الأمراض النفسية والخمول الفكري والعقلي ، فقد أشارت إحدى الدراسات إلى إن 70 % من أساتذة الجامعات يتخلون عن البحوث العلمية أيام الصيف لعدم وجود تيار كهربائي يؤمن لهم راحتهم أسوة بسكان المنطقة الخضراء ، وتشير بعض الإحصاءات بان العديد من حالات الاكتئاب النفسي وسوء الأوضاع الجسدية للمصابين بمختلف الأمراض لعدم تمتعهم بساعات نوم عميقة بسبب موجات الحر وافتقادهم للطاقة الكهربائية ورغم كل هذه الحزمة من المشاكل مازالت الحلول هامشية وترقيعية .
لقد أنفقت الحكومة العراقية أكثر من 50 مليار دولار لبناء محطات توليد كهربائية هي أشبه بطواحين دون كيشوت فهي مجرد مراوح تصدر جعجعة فارغة لا نلمس منها إنتاجا بل نرى بالعين المجردة مليارات تختلس وتهرب إلى الخارج ولصوص مازالوا يتمتعون بكامل الحرية وهم وزراء ووكلاء ومدراء عامين ومعهم برلمانيين وقادة سياسيين .
ويبدوا رغم مرور 10 سنوات وصرف المليارات بان الكهرباء الوطنية التي لم تعد وطنية وهي لم ولن تأتي مادام الفساد يغطي كل عقودها ولان إدارتها فاسدة وهذا ما دفع جهات أخرى مثل مجالس المحافظات للقيام بمناورة جديدة للتستر على هذا الملف تمثل في فتح أبواب هدر جديدة وحلول ترقيعية تمثلت باستيراد مولدات صغيرة ستطيل من عمر الأزمة وربما الأمر لا يخلو أيضا من صفقات بين مجالس البلديات وأصحاب المولدات وهذا الأمر يعد من سخريات هذا القدر إن تترك الحلول الجذرية ونبحث عن حلول وهمية تنشغل بها وتنتفع منها المجالس البلدية الديمقراطية .
ولهذا فأنني لن أتردد في إن ارفع صوتي لتأييد لمن أطلق النداء وطالب الشعب العراقي بالاحتجاج على استيراد هذه المولدات والمطالبة بمولدات عملاقة لإنتاج الطاقة الكهربائية وفي الختام نقول تبا للفساد والفاسدين والمفسدين .
https://telegram.me/buratha