احمد عبد الرحمن
انها ليست المرة الاولى التي يتعرض لها مجمع الدوائر الحكومية في محافظة الانبار الى عمل ارهابي منظم، فقبل العمل الارهابي الذي تعرض له هذا المجمع يوم امس الثلاثاء بالاحزمة الناسفة والسيارات المفخخة، كان عملا ارهابيا مماثلا استهدف المجمع قبل حوالي خمسة عشر شهر، وتحديدا مطلع شهر تموز -يوليو من العام الماضي. وبين عملية يوم امس وعملية صيف العام الماضي، كانت الانبار ومدن عراقية اخرى عديدة مسارح للاعمال الارهابية للتكفيريين والصداميين، ولانحتاج الى كثير من الجهد لضرب امثلة ومصاديق على ذلك، فبالامس القريب فجعت عشرات العوائل العراقية-ومعها عموم ابناء الشعب العراق بأستشهاد ذويها الذين كانوا قادمين من الديار المقدسة على ايدي جماعات ارهابية مجرمة في منطقة النخيب بين محافظتي كربلاء والانبار.وقد لانأتي بجديد حينما نقول ان تكرار وقوع العمليات الارهابية، وبطرق ووسائل واليات متشابهة ان لم تكن متطابقة بالكامل يعني فيما يعنيه وجود خلل كبير وثغرات فاضحة، في اداء المؤسسات والاجهزة الامنية والعسكرية العراقية، فمثل هذه الاعمال الارهابية وبحكم تكرار وقوعها تؤسر الى عدة حقائق مؤلمة، تحتم على الحكومة ان تعيد النظر بالخطط والاجراءات والسياقات الامنية، وتحتم على القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية وفي ادارة شؤون الدولة ان تتعاطى بمسؤولية اكبر مع ما يجري على ارض الواقع من احداث مأساوية، وان تقدم مصالح البلد وابناء شعبه على مصالحها الخاصة. ومن تلك الحقائق ان الجماعات المسلحة -التكفيرية والصدامية-مازالت تحاول جاهدة تخريب البناء المؤسساتي للدولة العراقية، وذلك من خلال استهداف مختلف دوائر الدولة ومفاصلها، وكذلك مازالت تحاول اسكات اصوات الاعتدال سواء في الاوساط الدينية او السياسية او الاجتماعية او الفكرية، ومازالت تعمل جاهدة على ادق اسفين الخلافات والاختلافات، وبث بذور الشقاق بين مختلف مكونات المجتمع العراقي، ومازالت تسعى الى وأد المشروع الديمقراطي الناهض في العراق من بين انقاض وركام عقود من التسلط والديكتاتورية والاستبداد.ان رسائل الجماعات الارهابية المسلحة على اختلاف عناوينها ومسمياتها الى ابناء الشعب العراقي لم تعد غامضة، بل انها باتت واضحة ومفهومة الى ابعد واقصى الحدود.لايمكن لاي طرف كان ان يتنصل عن المسؤولية حيال ازهاق الارواح وسفك الدماء كل يوم، ولكن تبقى الحكومة بأعتبارها تمثل المفصل التنفيذي الاعلى في البلاد تتحمل الجزء الاكبر من المسؤولية. ليس في مجال الامن فقط، بل في مجال الخدمات والبناء والاعمار وشتى المجالات الاخرى، والضعف والتراجع في أي منها لابد ان ينسحب على سواها.والخلل الامني يعني خللا اكبر يتطلب مراجعات جادة وموضوعية بين كل الشركاء من اجل ان يتحقق الاصلاح ويعالج الخلل.
https://telegram.me/buratha