مقال الكاتب والإعلامي قاسم العجرش
انتَ على موعد لإجراء مقابلة تلفزيونية، وكي توصل رسالتك التي مؤداها انك يساري من طراز خاص، عليك ان تعد نفسك لهذه المقابلة ، فهي الاولى والاخيرة لان كثيرين غيرك على قائمة الانتظار، احفظ او استرجع ـ لا فرق ـ مفردات بعينها بعد ان تطيل شعر رأسك او لا تمشطه، وتحلق ذقنك وشاربك ، ارتدِ قميصا فضفاضا وبنطلونا من الكتان، فالجينز للاصغر منك عمرا. او اقول لك: يمكنك ارتداء (تي شيرت) فهو اقرب لليسار منه الى اليمين! شريطة ان يكون مكتوبا عليه كلمات بـ (الفلامينية) وقبل هذا عليك ان تختزن كمية مناسبة من الحسرات والآهات والزفرات التي ستحتاج ان تطلقها في تلك المقابلة. ابدأ ياسيدي مثل مابدأ الذي قبلك، بالوطن والناس وقل انهما مثل الورد والآس، لا تنس دجلة الخير "ام البساتين" والسمك المسكوف وحديقة الأمة وصعاليكها الذين يفترشون (الكرتون) ملتحفين السماء وبأيديهم قناني (المستكي). عد الى علاوي الحلة، فهناك باعة (الفشافيش) وبائعات القيمر وبساطيل الجنود الملتحقين الى المعسكرات، قريباً منك المحطة العالمية وفيها القطار قاسم الاحاديث المشترك، لاتسمه "القطار"، بل سمه (ريل)، عند ذاك تحدث عن الريل وحمد! اغمض عينيك...زوم..(عمر واتعده الثلاثين).. اطلق آهة فهذه ساعتها.. (احاه ياديرة هلي).. ارسل زفرة فهي من مستلزمات اليسار..أطبع قبلة على جبين أبي نواس وكبة فتاح ونفاضات السكائر المعدنية المسمرة على الموائد، فهي لزوم الصعلكة الملازمة لأدعياء اليسارية، احفظ السيرة الذاتية لكبار الشعراء والادباء والرسامين والمسرحيين.. اسماءهم في الاقل وكناهم افضل، حتى تبدو قريباً منهم فقد يسألك المذيع او المذيعة التي ستقترب الكاميرا من عينيها الدامعتين مثل عينيك اللتين اكتنزتا دمعا لهذه المقابلة..الجواهري وبلند وحسين مردان وعبد الامير الحصيري وعبد الستار ناصر، للمدح! رعد بندر وعبد الرزاق عبد الواحد وحميد سعيد للذم.!. تذكر جردل الماء الذي رشته امك خلفك يوم فارقتها راحلاً الى أستوكهولم كي تمتهن النضال! بث اشواقك لكاظم اسماعيل الكاطع، وتحدث بألم عن تمثال الام وحمامات فائق حسن وجندي نصب الحرية الذي قسم اللوحة الى قسمين.. الآن اضرب فخذك بيدك أسفا! واطلق اهة بعد ان تعبر جسر الاحرار من الكرخ الى الرصافة، تذكر الاذاعة وشعراء الاغنية وليالي الصفا، قبلها تحدث عن النوارس والبلم ومنائر بغداد.. زوم..على كتفيك حيث يسترسل شعرك الرمادي المنكوش ـ كم مضى من الوقت لم تغتسل فيه!؟ـ الامهات والمدارس وحقائب الاطفال ولفافات التبغ لحمال في الشورجة، وصلت الى الرصافي ادخل المتنبي واشرب شايا في الشابندر، صورة الكاري معلقة وبائعات اللبن، سر مرة اخرى في شارع الرشيد ، كعك السيد وشربت الحجي زبالة، هذا انت القاهر بالله العباسي وهذه يدك المعروقة ..زوم.. على عينيك المغمضتين، (ولك يصويحب استادي، وشرد اكلك لو كلتلك آنه احبك)...
كلام قبل السلام : تذكر عريان السيد خلف، وابو كاطع رحل من الدنيا ولم ينته فما زال زادا للموائد اليسارية. ويا حسرتاه على ماعون (باﭼـة) عند الحاتي.
سلام....
https://telegram.me/buratha