المقالات

الشراكة والمشاركة .. بين المصالح العامة والمصالح الخاصة

917 09:40:00 2011-09-22

عمار احمد

الشراكة والمشاركة من بين اكثر المفردات تداولا في الادبيات السياسية والاعلامية في ظل العراق الديمقراطي الجديد، ويعود السبب في ذلك الى ان عهد النظام البعثي الصدامي البائد اتسم بالاقصاء والكبت والقمع التضييق والاستبداد، ولم يكن في القاموس السياسي لذلك النظام شيء اسمه الشراكة والمشاركة، اذ لايمكن ان تصطف وتقف مثل هذه المفردات مع المفردات التي كانت تحكم الواقع والتي اشرنا اليها اعلاه.من كان له حق المشاركة ونيل الحقوق في البلد هو الذي يذوب في النظام الحاكم ورموزه ويكون اداة طيعة يفعل ما يؤمر به وهو صاغر مذعن لايبدي أي اعتراض او تحفظ او تردد.وفي مرحلة مابعد نظام صدام، تفككت وتهشمت بالكامل كل القيود الديكتاتورية الاستبدادية وظهرت مساحة واسعة جدا من حري التعبير وحرية العمل السياسي والتحرك والاختلاف، وفي بلد مثل العراق يمتاز بالتنوع القومي والديني والمذهبي والطائفي والعشائري والعرقي، لابد ان يكون منهج ادارة الدولة هو المشاركة والشراكة في الحقوق والواجبات، أي المشاركة والشراكة في المغارم والمغانم.وفي اطار الصورة الكلية الاجمالية يبدو للمتابع والمراقب لاول وهلة ان مختلف او كل المكونات حاضرة في المشهد السياسي وفاعلة ومشاركة، وهذا يمكن تلمسه منذ الخطوات الاولى لمسيرة بناء الدولة بعد سقوط نظام صدام ، متمثلة بمجلس الحكم، وفيما بعد في شتى المفاصل والمؤسسات. ولكن التعمق والاستغراق والتدقيق يوصل الى نتائج واستنتاجات متشائمة وسلبية. لان المشاركة والشراكة لم تكن حقيقية، واصبحت منذ اليوم الاول ثوبا فضفاضا وواسعا للمحاصصة الطائفية والقومية والمذهبية، لا على مستوى المؤسسات العليا في الدولة، وانما في كل المستويات والاتجاهات.ولان المحاصصة وصفة بائسة وعقيمة لمشاكل وامراض البلاد، فأنه كان متوقعا ان تزيد الطين بلة، وتخلق ازمة-ازمات-كبيرة ومستعصية الا وهي ازمة الثقة بين الفرقاء السياسيين. لايمر قانون في مجلس النواب، الا بتمير قوانين اخرى معه، بسبب ازمة الثقة، ولايعين شخص في موقع من مواقع الدولة العليا الا بصفقة واحدة مع تعيين اشخاص اخرين، ولايطلق سراح بريء من السجن الا بأطلاق سجناء اخرين ربما يكونون من اكبر عتاة القتلة والمجرمين.والمتابع يتذكر ان قوانين عطلت واجراءات عرقلت ومصالح ملايين الناس ضيعت، وحقوق اهدرت، بسبب المحاصصة وعدم الثقة.ومن يسأل عن عدم تشكيل الحكومة الا بعد تسعة اشهر فأن الجواب الذي يسمعه ويتلقاه هو المحاصصة وعدم الثقة، ومن يسأل عن تأخر اقرر الموازنة المالية في كل عام سيتلقى الجواب نفسه، ومن يسأل عن عدم تسمية الوزراء الامنيين حتى الان لن يجد جوابا اخر، ومن يسأل عن اسباب التدهور الامني المستمر وغياب وسوء الخدمات الاساسية سيسمع اول ما يسمع المحاصصة وازمة الثقة.ومع المحاصصة وازمة الثقة تطفو وتستفحل المصالح الخاصة جدا على مصالح البلاد وملايين الناس، واكببر دليل على ذلك هو ان الحزب الفلاني يدافع عن شخص ما سرق اموال طائلة لانه ينتمي اليه، ولايهمه الحرمان والعوز الذي تسببه تلك السرقات على واقع الكثير من الناس.ومادامت المصالح الخاصة تتقدم على المصالح العامة فلايمكن ان نتوقع حلولا حقيقية لمشاكل وازمات البلد، والعراق ليس البلد الاول او الوحيد في العالم الذي يمتاز بالتنوع في تركيبته السكانية وليس الاول او الوحيد الذي ينبغي ان يدار ويحكم عبر منهج ومبدأ الشراكة والمشاركة، وبالتوافق مع الاحتكام والالتزام بالدستور، فعشرات البلدان تشبه العراق في اوضاعها وظروفها وتركيبتها لكنها تختلف عنه بوجود اتفاق وتوافق على الثوابت الوطنية، وحرص الجميع على حاضر ومستقبل بلدهم وابنائه..ومتى ما وصلنا نحن، او بالتحديد سياسونا الى هذه المستوى من الفهم والادراك والمسؤولية نكون قد وضعنا اقدامنا على الطريق الصحيح

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك