عبدالله الجيزاني
ان بناء الدول في انحاء المعمورة،يتم بناء على وضع القوانين التي تستند الى نوع وشكل النظام السياسي الذي يراد للدولة ان تسير عليه،وعلى هذا تبدأ النخب السياسية واصحاب الحل والعقد في البلد وضع التصورات الاولية لشكل ونوع النظام السياسي وبعد ذلك يأتي دور القانونيين في وضع قوانين تكون قادرة على حفظ هذا النظام السياسي،والتعبير عنه،والعراق بلد خرج من نظام يحكمه فرد الى نظام اريد له ان يكون الحكم فيه للشعب،ويشترك كل القادرين في هذا الحكم الذي تم فيه فصل السلطات الى تشريعية وتنفيذية وقضائية،وتم وضع دستور يتناول العلاقة بين هذه السلطات اضافة لواجب وصلاحيات كل سلطة،ومن هذا يفترض ان تسير السلطات التي تتعاقب في تولي المسئولية وفق نظام الدولة الذي اقره القانون،فلماذا ولمدة سبع سنوات يختلف اهل الحل والعقد في العراق حول شكل النظام السياسي الذي يفترض ان الدستور قد حسم امره منذ ان تم اقرار هذا الدستور من قبل الشعب،نعتقد ان هناك الكثير من الامور التي ظلت عالقة او اريد لها ان تظل عالقة،مما جعلها تقف حجر عثر في استمرار مسيرة العراق الجديد،وتنفيذ الحكومات لواجباتها الذي شكلت من اجلها،وابرز هذه الامور هي سن القوانيين التي اشار لها الدستور بعبارة(وينظم ذلك بقانون)،اي القوانيين التي تجعل المواد الدستورية قوانيين تنفيذية،وهنا نشير الى ان عزيز العراق(رض) كان دائما يركز على سن هذه القوانين،وكان رحمه الله يقول امامنا الكثير الذي يجب انجازة في طريق بناء النظام السياسي وكان يشير الى هذه القوانين،وفعلا نرى الان ان تعطيل سن تلك القوانين وضع النظام السياسي في العراق على حافة الخطر،حيث تستحدث مناصب ومواقع ارضائية وتخضع مواد الدستور للنقاش والمساومة بين الكتل السياسية،وايضا هناك ملاحظات جديرة بالذكر وهي ان هذه التجاوزات تزداد مع تقدم عمر العملية السياسية مما ينذر بخطر كبير على انهيار كل البناء،وذهاب التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب في مهب الريح،ايضا الدستور اقر عدد من الهيئات المستقلة،اي انها تخضع لرقابة ومتابعة السلطة التشريعية وتعمل تحت نظر السلطة التنفيذية وتتكامل معها،ومعظمها لحد الان تعمل بدون قانون،ولم يعين لها مسؤولين،لذا فهي تحت رحمة السلطة التنفيذية ومنطقيا انها تدور في فلكها رغم ان لبعضها واجب رصد المخالفات في هذه السلطة في كل مفاصلها،من رئيس مجلس الوزراء الى اصغر موظف مكلف بالخدمة العامة،مثل هيئة النزاهة،وديوان الرقابة المالية،وبعضها هيئات تتبع الدولة وليس الحكومة وتقدم خدماتها للدولة ككيان وليس للحكومة لكن بقائها تحت سلطة الحكومة جعلها تابعة للحكومة وتنفذ توجيهاتها،كهيئة الاعلام والبث،ناهيك عن هيئة العدالة والمساءلة التي غدت الان اثر بعد عين فهي اسم بلاعمل ويتولى مكتب رئيس مجلس الوزراء تنفيذ اعمالها،وهناك خلل اخر في تنفيذ خطوات تشكيل الدولة وهي الدرجات الخاصة التي تفترض ان يتم تعيين اصحابها من البرلمان بناء على اقتراح مجلس الوزراء، ويتم اقالتهم بنفس الطريقة،عند ذلك يكون اصحاب الدرجات الخاصة اكثر استقرار واكثر التزام بواجباتهم الوظيفية لان القانون سيكون هو الفيصل في اقالتهم اوتعيينهم بناء على ضوابط الكفائة والنزاهة وو،اما الان فمعظم اصحاب الدرجات الخاصة هم تحت رحمة الوزير او رئيس مجلس الوزراء،لذا فأنه جل جهدهم يذهب لارضاء هؤلاء،اما ادراة وقيادة السلطة التنفيذية الدستور يقول ان ذلك من اختصاص مجلس الوزراء اي ان جميع القرارات تتخذ من قبل مجلس الوزراء وليس من رئيس الوزراء فلايوجد منصب من هذا النوع في تشكيلات الدولة العراقية،لكن الواقع يقرر ذلك والان كل مؤسسات الدولة تدار من قبل شخص واحد وبعض النافذين في حزبه،وهذا جعل الدولة ومؤسساتها عرضة للمساومة بين الفرقاء السياسين،وهي الان دولة تدار بالوكالة بمعظم مفاصلها كي تسهل المساومات،اما موضوع المشاركة فكما اسلفنا هي مشاركة القادرين والمؤمنين بالنظام الجديد في العراق،وليس مشاركة القصد منها توزيع المناصب والمواقع وترك الكتل السياسية توزع حصصها بين مكوناتها وبين افرادها النافذين بغض النظر عن ضوابط القدرة والايمان،ولهذا شكلت اخر حكوماتنا من اكثر من خمسين منصب وهناك مناصب لازال النقاش حولها مستمر،ان العراق مازال الى الان يعيش في النفق المظلم في جميع النواحي فهو ليس بالبلد الديمقراطي وهو الى الديكتاتورية اقرب،وهو ليس بلد مؤسسات،والعلاج لايتم الابالقيام بثورة حقيقية من المخلصين ممن لاهدف لهم الا ثبات العراق الجديد ودستوره،وايضا قيام المواطن برفع صوته واسناد المخلصين في عملية الاصلاح والا نعتقد اننا في طريقنا للمجهول...
https://telegram.me/buratha