حافظ آل بشارة
مع العد التنازلي لانسحاب القوات الامريكية من العراق الذي يفترض ان يكتمل نهاية السنة الجارية ، هناك عد تصاعدي للازمات التي تتفجر تباعا مابين تدهور أمني وتدهور سياسي وشلل حكومي متزايد وانفتاح ملفات توتير عديدة وبوادر لتفكك التحالفات التأريخية ، ليس في السياسة صدفة ، فالتدهور الأمني نشأ على خلفية جريمة النخيب التي هي محاولة استفزازية محسوبة جديدة لاشعال الفتنة الطائفية التي تعتبر اهم طموح تكفيري متواصل في العراق ، المحاولة فشلت الا انها افرزت قابليات محلية كامنة وجريئة للتخندق الطائفي ، وعدم احترام اقطاب التصعيد للدولة او الحكومة او القانون ، ومن كان يتملق الحكومة والشعب في تصريحاته قبل 5 سنوات خوفا او طمعا اصبح الآن يهدد ويتوعد بلا وجل على الهواء ، وقد ظهر التخندق واضحا الى حد ان اعتقال مشتبهين من الانبار عقب فاجعة النخيب اصبح اكثر اهمية في الاعلام من مقتل الضحايا بتلك الطريقة البشعة ، فقد اعتبرهم البعض مخطوفين وهدد بالويل والثبور ان لم يتم اطلاقهم ، وقد تم اطلاق سراحهم بالفعل مع ان اربعة منهم اعترفوا بارتكاب ثلاثين جريمة اعترفوا بها بشفافية عالية ! تقول مصادر القاعدة : صحيح ان عملية كبيرة بمستوى تفجير المرقد المقدس في سامراء لم تفلح في اشعال الحرب الطائفية في العراق سنة 2006 لكن الوضع اصبح اكثر هشاشة الآن ويمكن لعملية صغيرة ان تحقق المطلوب ، الفشل الأمني المتواصل جعل المجرمين من كل المشارب ينتقلون من مرحلة الدفاع عن النفس الى مرحلة الهجوم والوصول الى المواقع المهمة . ويأتي التدهور الأمني على خلفية تدهور سياسي ، فقد تضائلت قدرة الاطراف السياسية على العمل المشترك ، وفقد بعضهم صبره ولم يعد قادرا على مزيد من المناورة او الانتظار ، بعضهم اصبح يقف على المفترق ويعيش انفعالات غريبة هي الاولى من نوعها ، فكتلة تهدد بالانسحاب من العملية السياسية نهائيا ، واخرى تهدد بفصل اقليمها من العراق ، ويبدو ان الملفات المثيرة انفتحت كلها دفعة واحدة (تأسيس مفوضية انتخابات ، اصلاح هيئة النزاهة ، قانون النفط والغاز ، مجلس السياسات الاستراتيجية ، الوفاء ببنود اتفاقية اربيل ، المادة 140 ، اصلاح التوازن في الحكومة ، قانون الاحزاب ، اختيار الوزراء الامنيين ، ترشيق الحكومة ... الخ ) . هناك تراكم في الاستحقاقات ، وتراكم في المواعيد المعطلة ، ومبالغة في ترحيل القضايا العالقة ، هذه العوامل جعلت بيت الشراكة الحالية مخزنا للازمات ، وقد رافق ذلك تباطؤ في الاداء الحكومي وتصاعد وتيرة الفساد وانتشار الفضائح واشتداد الحرب الدعائية ضد الحكومة ، هذا المشهد البالغ التصعيد يشكل رسالة مقروءة قبلا ودبرا للبيت الابيض وهو يريد سحب قواته من بلد يشكو كل انواع التدهور ، الأمني ثم التدهور السياسي وبوادر التفكك في التحالفات ثم التراجع التنفيذي فهل هناك مبررات أقوى من هذه للبقاء ؟ لكن للعلم رجاء ليس هناك صدفة .
https://telegram.me/buratha