عادل الجبوري
كانت خطوة مجلس النواب العراقي الموقر بأقرار قانون هيئة النزاهة خطوة مهمة وبالاتجاه الصحيح، فوجود قانون مقر ومصادق عليه من قبل الجهات التشريعية والرقابية العليا لمفصل حيوي مثل هيئة النزاهة العامة ينطوي على اهمية كبرى في سياق العمل والتوجه الجاد لملاحقة ومتابعة ظواهر ومظاهر الفساد الاداري والمالي المستشرية في شتى اجزاء جسد الدولة العراقية، واتخاذ الاجراءات الكفيلة لمعالجته واستئصاله من جذوره.ولايختلف اثنان في ان الفساد الاداري والمالي يعد احد اكبر واخطر عوامل الهدم والتخريب السياسي والامني والاقتصادي والاجتماعي، ولايمكن الحديث عن اية انجازات في أي جانب من الجوانب المشار اليها ببقاء الفساد قائما ومستفحلا.وبما انه العامل الاكبر والاخطر والمفتاح والمدخل لكثير من المشاكل والازمات فأنه من الطبيعي-بل من الواجب-تظافر الجهود والطاقات والامكانيات لمواجهته.والامر المهم في ذلك هو عدم تسييس قضايا الفساد وتجنب اقحامها في الصراعات والمماحكات والمناكفات السياسية، والنأي بها عن الاجندات والاهداف الخاصة، وتصفية الحسابات.وربما القت الكثير من الخلافات والتقاطعات السياسية خلال الاعوام الثمانية الماضية بظلالها على واقع مؤسسات الدولة لاسيما الحساسة منها، وبالتالي وفرت مناخا ملائما للارهاب والفساد الذين يقول ويؤكد الجميع انهما وجهان لعملة واحدة.ولعل من بين النقاط الاكثر اهمية في قانون هيئة النزاهة هو ان تعيين رئيس الهيئة يتم من قبل مجلس النواب وليس من قبل رئيس السلطة التنفيذية، وهذا من شأنه ان يكرس استقلالية الهيئات المستقلة، ويبعدها عن المؤثرات والتأثيرات السياسية السلبية.ان هيئة النزاهة والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات وديوان الرقابة المالية والبنك المركزي العراقي، وبقية الهيئات المستقلة، هي في الواقع مفاصل حساسة وتمتاز اعمالها ومهامهما بالطابع الفني المتخصص الذي ينبغي ان يكون متجردا من النزعات والاتجاهات السياسية والحزبية الضيقة، ومحددا بسياقات مهنية موضوعية، وخاضعا للرقابة والمتابعة والتدقيق من قبل الجهات الرقابية العليا وبالتحديد مجلس النواب العراقي. ولاشك ان عدم ابعاد الهيئات المستقلة عن الاجواء والمناخات السياسية المتشنجة سوف يؤدي الى المزيد من الاحتقان والتجاوز على الدستور والقفز على القانون، وظهور ازمات اخرى بدلا من حل ومعالجة القائم منها.ما نحتاجه فعلا هو هيئات مستقلة بكل معنى الكلمة.. لاخاضعة لهذا الطرف او ذاك.
https://telegram.me/buratha