المقالات

كربلاء من جديد

751 11:30:00 2011-09-28

• بقلم: علي لطيف الدراجي.

انفجر ينبوع الثورة في معاقل التعسف في البحرين عازماً على تحطيم مناخ الإقصاء والتهميش الذي عانت منه الشيعة لعقود طويلة من الزمن حيث سادت قوانين العائلة المالكة التي تهيمن على إمكانيات البلد وموارده وعلى فكر الإنسان ونبضات قلبه ، فأخضعت كل البحرين لإرادة القوة والصرامة وعمدت الى اخناق الصوت الذي ينادي بحقه ليس لأنه صاحب حق فحسب وانما لأنه شيعي ايضاً وهذا هو كل ذنبه.وعندما انتفض الشعب التونسي بوجه السلطة الغاشمة كانت هذه هي بداية النهاية لقصة الديكتاتور ونهر الدماء الذي ارتفع منسوبه الى أعلى مستوياته وتونس لم تكن لوحدها تصارع الألم في حلبات الموت وتذوق مرارة الخنوع على يد قائد المسيرة وتجود بنفسها تحت رحمته لابل ان امتنا العربية وهي خير امة أخرجت للناس قد اجهدت ببلاء هذه الأنظمة ووباء تسلطها فكل امة العرب ذهبت الى ماوراء الشمس ، ومن ثم حددت سحابة التغيير اتجاهها نحو ارض الكنانة وأمطرت حبات نداها من بين وميض الصاعقة فنضجت الثورة في عقول الأحرار.وكلتا الثورتين التونسية والمصرية كانتا حدثاً كبيراً ارجفت النفوس واقلقت النوايا وأخذت بعداً ستراتيجياً وحظيت بأهتماماً اعلامياً واسعاً لأن إسرائيل هي طرف مهم في كل ماجرى على الساحة الخضراء عامةً وفي عقر الفراعنة خاصةً ، والقلق الأميركي والغربي لم يكن من اجل المظلومين ونزيف نحر إنسانيتهم وانما من اجل هذا الطفل المدلل وحظه في المستقبل القريب خوفاً من وصول حكام جدد ربما يكرهون إسرائيل ومن يتسمى بهذا الاسم ، وخوفاً على مايضر بالسلام والأمن في المنطقة فالحقيقة التي صنعناها وصدقناها نحن العرب قبل ان يرغمونا بذلك هي ان اردت ان تعيش بأمان فأن اصابع يدك يجب ان تشتبك بأنامل الصهيونية حتى تنام هادئاً على وسادتك وان اغرورقت بدماء الشعب.اما ثورة البحرين فهي لم تنل قدراً من الأهمية من الذين ينادون بالديمقراطية وحقوق الأنسان والعدالة الأجتماعية وهم يرون بكل دقة مايقترفه النظام البحريني من سلوك منافٍ لكل قيم السماء ، فالأمم المتحدة والإتحاد الأوربي ودول عظمى عديدة تدخلت في ثورتي تونس ومصر ودعت الى الحذر في استخدام القوة المفرطة والعنف بحق المتظاهرين مع ان القوة التي استخدمت في اجهاض هاتين الثورتين ليس بالمستوى الوحشي الذي تمارسه اجهزة (آل خليفة) بحق بذور الثورة في البحرين ، فلم تكتفي هذه العائلة بوسائل الظلم التي اعتادت عليها منذ ان رقدت على انفاس الشعب البحريني وانما عمدت الى التصعيد لأخماد لهيب الشارع بأي ثمن.الجميع يشاهد ويترقب هذه النهضة الشيعية بوجه الفئة الفاسدة وليس هناك من يروم التدخل والدفاع ويعلن ولو بكلمة انها جريمة ترتكب في وضح النهار وأمام مرأى من العالم.وليس من دافع لهذا الصمت والسكوت سوى انها ثورة جديدة بلون جديد لمع بريقها ولمعانها وحملت تحت أضلاع صدرها عشق لاينتهي لقائد الأحرار وقدوة الثوار ورائد الفكر المحمدي امامنا وسيدنا ابي عبد الله الحسين(ع)..هذا العشق جعل الشاب الذي لايملك سوى صوته يسير امام الجيش والدبابة والمدرعة المدججة بالسلاح ويرمقها بعين الاحتقار وينتظر نفحة سمومها التي تمنحه الشهادة وعلى شفاهه(هيهات منا الذلة) ، وهذا الشاب الذي يجعل من الحسين وثورته نبراساً كيف نقول له لاتخف من صوت الرصاص فإن الرصاصة التي تضربك لن تسمع صوتها وثمن حياته هي الحرية التي سرقت من الطغاة ورفضه لهذا الأستخفاف والهوان.ولم يبقى لـ(آل خليفة) ومنهج الكفر والفساد من حلول الا ان ينعتوا هذه الثورة بالطائفية ويرموا بشتى التهم على هذا وذاك و كيف يمكن لها ان تكون طائفية وهي لاتملك اي شئ لابل كل شئ يقف في طريقها ، فهي تقاتل لوحدها في حرب غير متكافئة ، فهي ثورة شعبية تكابد انواع الظلم امام جيش وقوات امن ومؤيدين من بحرينيين من اصول هندية اضافة الى دعم مايدعى بـ(مجلس التعاون الخليجي) والمتمثل بالعقارب الخمسة من عوائل آل سعود وآل ثاني وآل نهيان وقابوس وشراذم الكويت وغيرهم من محبي الأطماع الدنيوية من شهوة السلطة والرغبة في التحكم والعشق للسلطان ، اما الجانب الأخر من غير عرب الخليج فهم نائمون في العسل وفي منأى عن كل مايجري بعد ان نزلت أرجلهم في وحل نواياهم وسوء تفكيرهم فالجميع يفكر بمشاكله سواء لأكمال درس الطغيان بحق شعبه او مع إسرائيل اومع الديون او الجواسيس والعملاء والخونة او غارق في حرب الأخوة والدم الواحد او في قتل شعبه.واقليمياً نجد ان الجامعة العربية التي لاحول لها ولاقوة تشاهد مجرى الأحداث في صالة العرض العربي وان كانت لديها وقت فأنها ستخرج بأرائها التافهة والساذجة حيث علمتنا دائماً على مواقفها المخجلة من خلال تعاطيها مع ملفات الشأن العربي ونكباته الميمونة وعلى يد من..غير مهم..طالما الأمة العربية تنزف ولامشكلة في ذلك فهي نزفت من قبل واحتظرت وماتت سريرياً ثم تنفست ولاتزال في صراع مع همومها وهي في احضان ساستها النجباء!!!ان مايحدث في البحرين هي قضية من نوع اخر وربما تشترك مع تونس ومصر في بعض أسباب الثورة ودوافعها ولكنها تنفرد بخاصية اخرى لها وقع مؤلم في نفوسنا جميعاً وهي الفئوية الغاشمة لسلطة(آل خليفة) والعنصرية المبالغ فيها ضد من ينتمي للمذهب الشيعي في هذا البلد وتكبده معاناة الحرمان والبحث عن حقوقه في جيوب بلده بشكل تنبعث منه رائحة العداء والكراهية التي توارثتها هذه العائلة منذ سنوات طويلة ، فهي تريد ان تعبث وتحكم وفق منطق القوة لخلق طوق من الحصار النفسي حول رقاب المظلومين دون ان يرفعوا أصواتهم ويقولوا..هذا غير ممكن او هذا خطأ ، وهذا الأمر له نسخة اخرى خلف قضبان المعتقل السعودي وحكم آل سعود البغيض وجبروته ضد شيعة السعودية الذين يتقاسمون الأضطهاد مع اخوتهم في كل بقعة من الأرض يستشري فيها بلاء الطاغوت وفجوره ، فهذه الطُغمة الشريرة التي تخدع المتوهمين بسياستها وميلها لصيغة الحوار والتفاهم والنقاش والاستماع للطرف الأخر ليس لها اية نية لإصلاح مفهومها الخاطئ في الحكم وتعاملها مع الرعية وكل ما تعلن عنه ماهو الا عناوين جوفاء واكاذيب اعتادت عليها لابل كشفت طابعها الأجرامي في ذبح الشعوب التي لاتتفق معها ولاتجدد بيعتها للظالم الذي اجاد منطق انه لايعمل كل هذا(حباً بيزيد وإنما كُرهاً بعلي).يجب ان يعلم الطغاة ومن بعدهم الشعب العربي بأن هذه الأنظمة الحاكمة هي ليست قضاء الله وقدره على الأرض وليست واقعاً يجب ان نرضى به رغماً عنا ، فكل هذه الأنظمة السياسية تلتقي في طريق واحد وجميعها تتسم بلغة الباطل والتفرقة والشر المطلق والسياسة اللامنطقية في القيادة والحكم وهذه الثورة قد اصبحت مطلباً للضمير والعقل لكي يسود الأطمئنان والعدل والمساواة وعلى الجميع ان يكونوا اكثر ايماناً بفكرهم وتصميمهم وارادتهم في التغيير وان يجمعوا كلمتهم لكي تكون الصرخة مدوية في وجه الظلم ودُعاة الكراهية ممن استباحوا الأرض والعباد.فأي سيل تحرك والغضب يحفه من كل جانب وفجأة يتوقف واي بركان كان يغلي ولم يقذف بحممه واي زلزال لن يكون له موعد مع الحراك ولايترك له ارتداد بين الحين والأخر، وهذه ثورة البحرين سوف تقصم ظهر(آل خليفة) وتترك شرخاً عظيماً في حصن الخليج وهي لن تتراجع ابداً لأنها بداية مشوار تأخر كثيراً ودفع المظلومون ثمن صبره كثيراً ، أما الآلام والآهات فأنها ستحظى عزاً ومجداً لابد ان يعلو سناه في الآفاق لأنها ثورة المظلوم وثورة أنصار هابيل ضد البنى الطاغوتية.انني ارى البحرين وكأنها كربلاء وذلك المعسكر المعبأ بالأيمان والمقاومة وهو يواجه الشيطان في لحظة اجاد التاريخ في احيائها من جديد..وكأنني اسمع صوت الحسين وهو يقول:(لاأعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولاأفر فرار العبيد)..وهذه رمال كربلاء تورق في أرواح الثائرين شراراً يُحرق كيد النفوس المجرمة فيورد عناده الى محل اللعنة ويقلع انامله العالقة بعرش ايل للزوال فيدون نهايته على لوح مجده الدموي وتأريخه الأسود.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
العراق
2011-09-28
الكلمات والمعنويات تجرح وتؤذي وتدمر اكثر من القتل أو الضرب الكلمة الطيبة صدقة في القتل يموت الانسان ككائن وفي الضرب يشفى الجرح ولكن في الكلمات القاسية وفي المعنويات الهابطة ينتهي الانسان ويموت وهو حي فلا فائدة منه الا ان يثور ليكسر القيد النفسي لتتعض الحكومة والبرلمان
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك